أسماؤنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تنصت والدتي لحديث من أحاديث الشيخ زايد، عليه رحمة الله، أشعر بها تستمع لأحاديثه بكليتها، حتى تكاد عيناها تفيضان دمعاً، وغالباً ما تعلق في نهاية الحديث: زايد وألف زايد ما يسوونك يا زايد.

ألف شخص وشخص يحملون الاسم نفسه، وواحد فقط من هؤلاء المتعددين يحمل بصمة الاسم وهويته ومعناه وخلوده، فلا يشبهه أحد، ولا يعوضه إن غاب أحد، حتى وإن حضر ألف شخص يحملون الاسم نفسه فلن يكونوا إلا ظلالاً، أسماء لا أكثر، أما الأصل فواحد لا يتكرر: كالبدر إذ يفتقد في الليلة الظلماء، فلا تضيء الليل بعده عشرات الأضواء وآلاف المصابيح، رحم الله زايد دائماً وأبداً.

ليس كل من حمل الاسم شابه سميه، وإن كانت الناس تسمي أولادها وبناتها بأسماء شخصيات ومعانٍ، تتحرى في ذلك مكارم الأخلاق وجميل المعاني، حيث يقال: إن لكل إنسان من اسمه نصيباً، فاعتاد الوالدان تحري الأسماء النبيلة واللطيفة والمحببة لأبنائهم، وتجنب كل ماله علاقة بالخبث والشر وسيئ الأخلاق، وتلك الأسماء التي بلا معنى أو ذات معنى يدفع للسخرية أو مما ليس دارجاً في المكان، لأن الاسم سيشكل هوية أخرى للإنسان، تابعاً وملازماً وصديقاً، يتبع كظله وأكثر، فظلك لا يدخل معك تحت الفراش، ولا يظهر وسط أصدقائك، ولا ينادى به عليك وسط الجموع، أما اسمك فسيلازمك في صحوك ومنامك، وحتى إن رحلت عن هذه الدنيا.

أسماؤنا في بطاقات التعريف وجوازات السفر، شهادات الميلاد والدراسة وشهادات التقدير، وثيقة الزواج و.. إلخ، أسماؤنا هي من يوثقنا، ويثبت وجودنا وانتماءنا لآبائنا وأسرنا، وكأننا لا شيء بدون اسمنا، إلى درجة أنك لن تتلقى علاجاً أنت في أمس الحاجة إليه ما لم يتطابق اسمك في السجل الصحي مع ما ورد في بطاقة الهوية، ولن يسمح لك بركوب الطائرة للمغادرة إلى وجهتك إذا صادف وجود راكب أو راكبة على نفس الرحلة تحمل اسمك واسم عائلتك كاملاً، كما حصل معي أثناء رحلة لي من إسطنبول إلى دبروفنيك في كرواتيا.

Email