أنت سعيد فعلاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنت سعيد، لأنك راضٍ، تستمتع بأيامك كما يجب في هذه السنوات، التي لم تعد فيها شاباً صغيراً، يركض خلف الأيام والأحلام، قلبه عامر باللامبالاة وبالقليل من التجارب والكثير من الأوهام، لأنك لم تعد ذلك الشاب المندفع، الذي يريد الحصول على كل شيء بأسرع وقت، أصبحت أكثر حكمة وقدرة على الاختيارات الصحيحة، بعد أن صرت أكثر قدرة على الشعور بقيمة الوقت والأصحاب والعائلة، صار لكل شيء قيمة ومعنى، وأصبحت تعيش الوقت بعمق يصحبك دائماً هدوؤك وتحققك واستغناؤك!

أنت سعيد فعلاً، إذا كنت تنظر إلى وجهك صباحاً في المرآة، فترى تلك الخطوط الرفيعة أسفل العينين أو عند أطراف الشفتين، فتلوي شفتيك لكنك تقر بأنها ضريبة الأيام والنجاحات، الأولاد الجميلون الذين يحيطون بنا، الكتب الكثيرة التي قرأتها، والمكانة الرفيعة التي وصلت إليها والأوقات الممتلئة بالكثير الكثير.. إنها خطوط تماس ضرورية بين معارك الحياة التي خضتها وأوقات الهدنة التي حصلت عليها وكلها كانت في صالحك!

أنت سعيد، إذا كنت تنظر إلى صورك التي تخصك أنت وأصحابك أيام الدراسة الثانوية والجامعية وسفريات الصيف البعيدة دون أن تجتاحك حالة زعل أو بؤس مفاجئة، فاليوم أنت على عتبات عمر مختلف، لكنك تعيشه كما عشت تلك الأيام، ولكن بوعي أكبر وبتقييم أعلى للعمر والوقت واللحظات والأيام، فالثري الممتلئ بالمال يبذر ما بين يديه دون حساب أو انتباه، لأن لديه الكثير، فلا هو يدخر ولا هو يستشعر المتعة، بينما الذي لا يملك ينظر لكل درهم بفرح إذا كسبه، وبمتعة إذا أنفقه، إن الأيام هي أغلى ما ننفقه دون أن نشعر أحياناً!

كثيرون ممن نعرف يشعرون بالأسى والحزن، وربما جميعنا نشعر بذلك للحظة، حين نتأمل صور أيام الشباب، فليس أجمل منا في ذلك العمر، لكن من قال إن الأيام لا تمنحنا الأجمل كلما تقدمنا في العمر، تبقى حزمة أشياء وأحلام يمكننا أن نحققها حتى ونحن نذهب بعيداً ملوحين لأولئك الصغار الذين (كُنَّاهم) في صورنا!

Email