ذائقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما طلب مني أحد الأصدقاء أن يجري معي مقابلة عبر «الزووم» لصالح معرض كتاب تقيمه إحدى مكتبات وسط البلد في القاهرة خلال أيام العيد، بحيث يكون محور الحديث حول كتابي عن السفر والمدن والرحلات، فكّرت كثيراً في هذا الاحتفاء المختلف بالعيد، عبر تنظيم معرض كتاب، بدت لي الفكرة جريئة وحضارية، وفيها كسرٌ واضح لفكرة الرتابة التي تسيطر على الكثيرين أيام الأعياد، فيتذمّرون ويقضون الأيام مراوحة بين المطبخ وغرفة النوم، ثم إن معرض كتاب في منتصف شهر يوليو مغامرة بكل معنى الكلمة، فالأجواء لاهبة، ومعظم الناس يغطون في الكسل تحت أجهزة التكييف أو في المصايف، لكن للقاهرة دائماً مفاجآتها وحكاياتها وطقوسها ومزاجها وطريقتها المغايرة في التعاطي مع كل شيء، وهذا واحد من تجليات مدينة القاهرة.

وفي كتاب «هوامش في المدن والسفر..» محاولة متواضعة لاقتفاء أثر المدن في مزاج الناس، لاقتفاء ملامح الخصوصية التي لا يستشعرها إلا من تلمّس روح المدينة وأسرار معادلاتها الحضارية.

في نهاية المقابلة طلب مني الصديق مصطفى الطيب، الذي أجرى الحوار، أن أقترح مجموعة كتب أراها جديرة بالقراءة طالما نحن في أجواء معرض كتاب، وعلى الرغم من أنني «جازفت»، وسمّيت بعض الكتب التي أجدها جديرة بالقراءة، فإنني عادة ما أجد هذا السؤال مربكاً، فعشرات الكتب التي تنهال على ذاكرتي لحظتها تجعلني أتساءل: هل من الضروري أن تتشابه ذائقتي مع ذائقة الآخرين؟ هل يشترط أن يتقبل الناس ما أنصحهم به من كتب لأنني أراها كتباً كلاسيكية وعظيمة وذات أثر؟

أتذكر الكاتب سومرست موم عندما طلب منه أحد محرري الأقسام الثقافية إعداد قائمة بأفضل 100 كتاب في القرن العشرين من وجهة نظره، فوضع القائمة بعد إلحاح، لكن اليوم وبعد مضي سنوات عليها، عندما أطّلع عليها أجد من بينها كتباً لم أتمكن من استساغتها أو إكمالها.

نحن نقترح بناءً على قراءات وخبرات، لكننا حتماً لا نفرض ذائقتنا على أي قارئ، فالذائقة في القراءة بناءٌ عظيم يتأسس عبر عمر من الكتب والمكتبات والقراءة والقرّاء.

 

Email