العالم يتغير دائماً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذين قرؤوا أدب نجيب محفوظ، يتذكرون بلا شك شخصية الشيخ عبد ربه التائه، التي ابتكرها في (أصداء السيرة الذاتية)، التي قال فيها النقاد بأنها مجموعة نصوص جديدة في أسلوبها، لكن لا يمكن وصفها بالسيرة الذاتية، وإنما هي سرد، ورؤى، وأحلام، ومشاهد تلخص خلاصة تجربة محفوظ في الحياة، حيث الفلسفة العميقة، والحكمة التي تنساب بسلاسة مدهشة في نهايات كل نص. عبد ربه التائه، شخصية يلجأ إليها الراوي ليسألها المشورة في المواقف الملتبسة أو الصعبة التي تحيط به، والمحن التي يتعرض لها.

تذكرت (أصداء السيرة) وعبد ربه التائه، وأنا أستمع إلى حوار مع أحدهم، حول مآلات العالم المحيط بنا، في مرحلة ما بعد «كورونا»، ما رأيك يا سيدي، سأل المحاور ضيفه، هل تعتقد فعلاً أن العالم سيتغير، أو أنه آخذ في التغيُّر فعلاً؟ وفي أي اتجاه؟ السيد الضيف أجاب انطلاقاً من قناعاته بالتأكيد، وليس اعتماداً على معلومات أو إحصاءات أو قراءة ما يحدث حوله، فالرجل على ما يظهر من إجابته، لم يغادر بيته، أو لم يتعاطَ مع وسائل الإعلام، أو أنه من أنصار نظرية المؤامرة!

لذلك قال: لا شيء سيتغير، كل ما قيل خلال السنتين الماضيتين، ليس سوى مؤامرة كبرى، تضافرت فيها كبريات الشركات والحكومات الغربية والإعلام، لإشاعة حالة متمددة من الخوف بين البشر، لتحقيق مصالح قصوى، وبمجرد أن تتحقق أهدافهم، سيعود كل شيء إلى ما كان!

تمنيت لو سأله: وما رأيك في الانهيارات الاقتصادية في كل مكان، والحرب الروسية ضد أوكرانيا، واهتزاز أسواق الطاقة، واختلال قناعات الناس، وظهور أفكار غريبة عبر شبكات التواصل؟.

لو أنه قال إن العالم يتغير باستمرار، لأن الثابت في هذا الكون هو التغيير، لكان أنقذ نفسه من تلك الإجابة الساذجة، لكن (آفة حارتنا النسيان)، يقول نجيب محفوظ، الذي يكتب في أحد نصوص (أصداء السيرة): سألت الشيخ عبد ربه التائه: كيف تنتهي المحنة التي نُعانيها؟ فأجاب: إن خرجنا سالمين فهي الرحمة، وإن خرجنا هالكين، فهو العدل.

 

Email