كيف نملأ الفراغات؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

برغم كل ما يمكن أن نعدده من فوائد مواقع السوشال ميديا وانعكاساتها الإيجابية بشكل عام، قربت بين الناس، فتحت آفاقاً للمعرفة، وأتاحت فرصاً للحوار والتغيير حتى على مستوى النظم، كما أنها أنقذت حياة البعض ممن وقعوا في مآزق ومخاطر معينة، فبمجرد قيامهم بتوجيه نداءات استغاثة، حصلوا على الدعم المتوقع فعلاً.

لكن ومع كل هذه الإيجابيات، فإن هذه المواقع (سناب شات، انستغرام، تويتر، فيسبوك) حين يتحول استخدامها إلى إدمان يومي حيث لا يمر الوقت دون أن نشغله بالدخول والخروج منها، ودونما سبب وجيه، حين تسيطر علينا هذه المواقع ذهنياً وتبرمجنا لصالحها، فإنها تصبح وبكل معنى الكلمة أحد أسباب القلق، والتوتر، وإهدار الوقت بلا طائل، والشعور الدائم بعدم الرضا وبالتالي فقدان الشعور بالهدوء والسعادة! فحين يصبح قلبك منشغلاً بشكل ثابت بأمر ما، تفقد اتزانك بالفعل ومعه يغادرك شعور الرضا!

فهل تبرمجنا السوشال ميديا عصبياً؟ نعم إنها تبرمجنا على طول الخط، تستطيعون ملاحظة ذلك بمجرد أن تفتحوا أعينكم في الصباح، هل انتبهتم لأول ما تفعلونه لحظتها؟

إنكم تتحسسون مكان هواتفكم على الطاولة بجانب السرير، وحين تعثرون عليه مغروساً في طيات الأغطية، وتقومون بتشغيله بلهفة بعين مفتوحة تغالب نعاسها وأخرى مغلقة ومنهكة، فعن ماذا تبحثون فيه؟ تتفقدون حركة التفاعل على منشوراتكم التي تركتموها ليلة البارحة، تفعلون ذلك بشكل يومي وتلقائي، فماذا كتبتم من إبداع عبقري يستحق هذه المتابعة؟

وخلال النهار تؤدون وظائفكم، تنجزون المهام المتعلقة طلبات الأولاد والبيت وتتواصلون بالواتس أب مع أمهاتكم وأصدقائكم، بينما تدخلون إلى هواتفكم كل نصف ساعة، لماذا؟ يسجل البعض إعجاباً بمنشور لا يقرؤنه وقد لا يعنيهم بانتظار أن يجدوا إعجاباً مماثلاً على منشوراتهم التي لا تقدم ولا تؤخر هي الأخرى، بينما يذهب آخرون إلى تلك الحسابات التي تبيع متابعين ليشتروا معجبين يرفعون بهم عدد متابعيهم، بينما تكتفي أعداد بلا حصر بالتلصص على البقية!

Email