الفراغ وما يحيط به..

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقول أحد القراء، تعليقاً على مقال البارحة «القصة أكبر من قصة فراغ»، القصة أن عالم (التواصل الاجتماعي)، ينضح بكثير من «التافهين»، الذين أصبحوا يشكلون نقطة استقطاب وجذب عظيمة لهؤلاء الذين يعانون من الفراغ، والذين لا بدائل لديهم مفيدة وذات تأثير لاحتواء ذلك الفراغ.

يود القارئ التأكيد على حقيقة أن الفراغ، بحد ذاته، ليس هو المشكلة، ولكن كيفية إدارة وقت الفراغ، ماذا لدي من البدائل لمواجهة هذا الوقت السائل واللزج، الذي يجد الإنسان نفسه فيه، دون أدوات أو حصانات، أو خطط إنقاذ، عندما يعلو ذلك السائل ويغرقنا تماماً في محيط من الخيارات الفارغة وغير القيّمة: من هنا، تأتي خطورة الفراغ، من إجابة السؤال: هل لدينا بدائل حماية، أم أننا متروكون لكل من هب ودب، يصب في أوعيتنا ما يشاء؟.

كلنا لدينا أوقات فراغ، الفارق بيننا، هو ما أمتلكه من وعي أولاً، وتقييم واحترام لنفسي وخياراتي، ومواهب واهتمامات تربت في البيت والمدرسة والنادي، ومع الزملاء والأصحاب، ثم نمت مع العمر، ولدي أسئلة أبحث لها عن إجابات وطموح، وفهم لهدف وجودي في هذه الحياة، هذا يختلف عن ذلك الذي يعيش الحياة، بحسب تعبير القارئ، ساعة بساعة، وهذا هو الفريسة السهل الإيقاع بها في شبكات التواصل، وثقافة الخزعبلات والاهتمامات الفارغة!

ينتهي الحال بكثيرين، إلى الاقتناع بأنهم يريدون هذه التفاهة، ومعجبون بهؤلاء الحمقى، وبكل ما يقذفونه في وجوههم، صارت ثقافة الشراء للشراء، الطعام للطعام، الاستهلاك بلا حدود، التظاهر الفارغ، ميزات لا يستحي منها أحد، ولا يعترض عليها أحد، جيل من المنقادين خلف جيش من نجوم السوشيال ميديا، لا يقدمون لهم سوى الغثاء.. والسؤال: أين التربية، الأسرة، القدوة، التعليم، الإعلام..؟.

لا أحد يسأل، ولا أحد مستعد لأن يناقش، تحت شعار الكل حر في حياته.. ثم ماذا؟.

 

Email