خيارات صحيحة لا بد منها

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مفاضلاته اليومية في الحياة: في الطعام، والأنشطة، والإنفاق، والسفر، والعمل، وتربية الأولاد، وشراء المقتنيات الخاصة.. إلخ، غالباً ما ينحاز الإنسان لما يمليه عليه الهوى والذائقة والميل، والتأثر بالأصحاب والمحيط، حتى وإن كان المطلوب منه أن يذهب لذلك الخيار العقلاني والمتسق والمتوافق مع قاعدة الحفاظ على الصالح العام أو على الصحة أو البيئة أو غير ذلك.

يميل الإنسان لضعف مجبول عليه أو لمسايرته للواقع، الذي يعيش فيه، أو لعدم وجود ما يمنع أو يعاقب إذا هو فعل ذلك أو ترك ذاك بالرغم من أضرار ما يقوم به، كأن يصر البعض على تناول الوجبات السريعة برغم مضارها المؤكدة، والإصرار على عادة في التدخين مع علمه الأكيد بمضارها، واستخدامه البلاستيك مع كل ما يؤكد آثاره المدمرة على البيئة، يستمر الإنسان في هذا التدمير الممنهج لصحته وبيئته حتى يحين الوقت الحاسم، عندما يتدخل صانع القرار ليقول كلمته: توقف !

كل هذا الذي نراه من انسياق الناس بشكل عام وراء الممارسات الضارة مع علمهم بمقدار ضررها، لا يعني عدم وجود أفراد يصرون على الاختيارات الصحيحة في حياتهم، ويتمسكون بها برغم سخرية المحيطين أحياناً وتنمرهم عليهم، وهنا قد يلعب المحيط الأسري دوره، أو طبيعة الشخصيات المتبصرة والحاسمة، أو درجات الوعي المتقدمة عند البعض، أو الحياة لفترة طويلة في مجتمعات تنتهج تلك السلوكيات !

إذن فمقولة «في النهاية لا يصح إلا الصحيح» تبدو دقيقة جداً في الكثير من الأحيان بالنسبة للخيارات التي لا جدال حول ضرورتها وصحتها حتى وإن تأخر أوان تطبيقها، فالمجتمعات تتغير بالتدريج، وبنمو المعرفة وارتفاع مستويات وعي الأفراد فيها، والذي لا يحصل عادة في يوم وليلة !

عندما ذهبت للولايات المتحدة نهاية الثمانينيات، دهشت لسؤال الباعة والمحاسبين في محلات السوبرماركت الصغيرة والكبيرة فيما إذا أفضل لمشترياتي كيس بلاستيك أو ورقاً عادياً، وعندما عشت في بريطانيا منذ عشرين عاماً ربما تعجبت لأول مرة ذهبت فيها لشراء البقالة، حيث لم أُعْطَ كيس بلاستيك مجانيّاً كما هو معتاد عندنا.. أخيراً أكياس البلاستيك ليست مجانية في الإمارات.. قرار متحضر جداً.

Email