وما زلنا نخاف من رواية!

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم أفرجت الرقابة في دولة عربية كبيرة جداً ورائدة وسباقة في مجال النهضة وحركة التحرر الليبرالي، عن رواية لكاتب واعد فازت رواياته الأولى والثانية بجوائز محترمة ورصينة، وتحديداً جائزة نجيب محفوظ التي يتولى تحكيمها مجموعة من أبرز النقاد المصريين، وقد قيل في منع الرواية إنها تخدش الحياء وإن بها ألفاظاً خارجة عن نطاق الحياء!

السؤال: حياء من؟ حياء الناس الذين تعتبر أجهزة الرقابة مسؤولة عن أخلاقهم، جميل جداً، وإذن فلماذا لا تتولى هذه الرقابة نفسها. أو الرقابات العربية على مستوى الوطن العربي أمر أخلاق المجتمع بالعدل والقسطاس، لماذا نمنع مصنفات أدبية وفنية حين ينتجها مواطنو البلد، ولا نتوقف لنمنع روايات أشد وقاحة وتخلفاً وانحطاطاً في الذوق والذائقة تأتي عبر روايات وأفلام ومنتجات فنية أخرى؟ لماذا تفسح الرقابة لها مجال التواجد في المعارض والمنصات ودور النشر والترجمة بلا قيود؟ أم لأن زامر الحي لا يطرب أبداً!

عندما أصدر نجيب محفوظ روايته العظيمة «أولاد حارتنا» ونشرت على صفحات الأهرام عام 1959 وبموافقة الرئيس جمال عبدالناصر، لم يتمكن محفوظ من نشرها في مصر، تكتلت عليها آراء المتشددين وأعداء النجاح ومنعوا نشر الرواية، فطارت إلى بيروت لتصدر ككتاب عام 1962، وظلت ممنوعة في مصر سنوات طويلة، حتى نال محفوظ جائزة نوبل عام 1988، وتعرض لمحاولة اغتيال بسببها عام 1994، ومن ثم توفي عام 2006، يومها أفرج عن الرواية وسمح بأن تطبع في القاهرة عام 2006.

وقيل يومها في أسباب المنع بأنها تخالف العقيدة وتتعرض للذات الإلهية والأنبياء والسلطة وجمال عبدالناصر نفسه! ثم ماذا؟ لماذا سُمح بنشرها بعد وفاته؟ لقد بقيت الرواية هي نفسها لم تتغير؟ فما الذي تغير لتسمح السلطة عام 2006 بنشرها؟

وطالما هناك متضرر، فإن مأساة الرواية الممنوعة والمصادرة ستتكرر دون نهاية، ومثل محفوظ سيظهر ألف محفوظ آخر!

Email