ماذا لو أننا امتلكنا الحقيقة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابه الذي صدر مؤخراً تحت عنوان (ضد التاريخ) يطرح الصحفي المصري والروائي والباحث في التاريخ، مصطفى عبيد المولود في القاهرة عام 1976، أفكاراً وأسئلة لا تختلف مع الروايات الرسمية السائدة فقط، ولكنها تشتبك معها، بل وتصل إلى أن تنقضها وتشكك في مدى مصداقيتها، وفي أفضل أحوالها فإنها تثبت أن ما قدم من قراءات حول ما حدث في هذا التاريخ كان منقوصاً، لعدم عرض الوثائق بموضوعية كافية، أو لعرضها منقوصة، أو لعرضها من زاوية أو وجهة النظر الرسمية، أو المفضلة من جانب أطراف عديدة!

مصطفى عبيد يذهب في كتابه إلى تأكيد النظرية المعروفة التي تقول (إن التاريخ الذي نقرأه كتب من وجهة نظر المنتصرين، لذلك فهو تاريخ منقوص أو يحتاج لمراجعة)، والحقيقة أنني كقارئ عندما أتشابك قرائياً مع أي كتاب في التاريخ عادة ما أتوقف لأسأل: لماذا لا يكتب المؤرخون إلا عن انتصارات الملوك؟ وقصورهم وجيوشهم وقوادهم؟ لماذا لم نعرف من تاريخ الفراعنة إلا الملوك وزوجاتهم وتوابيتهم وانتصاراتهم على المسلات والأهرامات؟ أين الناس؟ أين الذين تحملوا عواقب تلك الحروب والهزائم والانتصارات؟ أين الأخطاء والتجاوزات؟ أين تاريخ المظالم إذن؟

فكرة أحادية التاريخ، واحدة من الأفكار التي يطرحها كتاب (ضد التاريخ) وخلاصتها أننا كقراء في مواجهة دائمة مع رواية واحدة للتاريخ، مطلوب منا أن نأخذها كما هي، ونسلم بها ثم نعيد إنتاجها بشيء من المبالغة إن استطعنا!

هذه الأحادية تنطبق على الرموز والشخوص العاديين والأحداث! في السياسة كما في الشعر والأدب، هل كانت صورة المتنبي كما قدمت لنا فعلاً؟ هل كان عبدالناصر ديكتاتوراً؟ هل كان الملك فاروق متهتكاً وفاسداً إلى ذلك الحد الذي وصلنا؟ هل كانت «أولاد حارتنا» رواية خارجة على تعاليم الدين وصادرها الأزهر لهذا السبب؟ هل أحمد شوقي أفضل شعراء الأمة؟ هل كانت أم كلثوم شخصية لطيفة؟ هل.. وهل؟ ماذا لو أن الإجابات كانت بالنفي؟

Email