لا بأس.. أغمض عينيك !

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابه يتحدث الأستاذ ليو، أستاذ علم النفس في جامعة كاليفورنيا عن تجربة شخصية مرّ بها في طفولته، فيقول: «عندما كنت صغيراً اعتادت أمي أن تعد لنا طعاماً مميزاً من وقت لآخر. في ذلك المساء، وبعد يوم طويل ومرهق قضته في العمل خارج البيت وداخله، وضعت أمي طبقاً من البيض والنقانق والبسكويت محروقاً للغاية على طاولة الطعام أمام أبي، كانت أمسية لا أزال أتذكرها بكل تفاصيلها.

أتذكر أنني انتظرت لأرى إن كان أبي قد لاحظ ذلك الطعام السيئ، ولكن كل ما فعله أنه كان يلتقط البسكويت ويبتسم في وجه أمي، وبعد أن رفعت أمي الطعام من على الطاولة، سألني كيف كان يومي في المدرسة، ثم لا تعليق آخر، لا أذكر بالتحديد ما أخبرته تلك الليلة، لكني أذكر تماماً كيف شاهدته يضع الزبدة والمربى على ذلك البسكويت المحروق، ويأكل كل لقمة منه بتلذذ غريب!

عندما غادرت المطبخ في تلك الليلة، أذكر أني سمعت أمي تعتذر لأبي عن البسكويت المحروق، وكل ما قاله لها: عزيزتي أنا أحب البسكويت المحروق، وفي وقت لاحق من تلك الليلة ذهبت لأقبّل أبي وأتمنى له ليلة سعيدة، وسألته إن كان حقاً قد أحب البسكويت المحروق، فأخذني في حضنه، وقال لي إن أمك واجهت يوماً شاقاً في العمل اليوم، وإنها حقاً متعبة، بالإضافة إلى أن القليل من البسكويت المحروق لن يضر أحداً، تلك من الكذبات الضرورية يا ولدي، فالحياة مليئة بأشياء ليست مكتملة ولا مثالية، أنا نفسي لست الأفضل في أي شيء.

يقول أستاذ علم النفس: ما نتعلمه بمرور الزمن هو أن تقبُّل أخطاء بعضنا، واحترام اختلافاتنا هو واحد من أهم المفاتيح للمحافظة على العلاقات بيننا، حين نغمض عيوننا ونأكل بسكويتاً محروقاً أعده لنا حبيب أو صديق، دون أن نصرخ في وجهه متذمرين ومنتقدين وموبخين، فإنه سيكون ممتناً بالتأكيد وسيخجل أن يفعلها ثانية، وسيمرر لك «بسكويتك المحروق» أيضاً إذا أنت فعلت الشيء نفسه، يجب أن لا نرهن أصدقاءنا وصداقاتنا وسعادتنا بقطعة بسكويت محروقة !

Email