ليغير حياة الفقراء!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ألا زلتم تحلمون؟ وتتمنون لكم ولأجل الآخرين؟ ثم تتخيلون كيف سيكون الوقت إذا ما تحققت تلك التمنيات الكبيرة؟

هذا جيد، لا، بل هو أكثر من ذلك، فكلما حافظت على قدرتك على الحلم، كلما دفعك ذلك الشغف لممارسة الحياة والنظر إليها بفرح واندفاع أكبر، فالحلم هو لا غير سر الحياة الحقيقي.

مع ذلك فإن الحياة ليست بذلك الكرم الذي نتخيله، إنها لا تمنح كل الحالمين حقهم في الحصول على أحلامهم، كما أنها قد تحرم كثيرين حتى من الحلم نفسه، إلا أن الحلم ينمو حتى في أكثر القلوب بساطة وفقراً، الحلم هو أكثر سلوك ديمقراطي في هذه الحياة!

نحن نحلم، لأجلنا ولأجل الآخرين أحياناً، ونحث الخطى للأمام، ونعمل بقانون التدافع، إلا أن أحلامنا قد لا تتحقق، ليس لخلل في فيزياء الزمن، ولا تقصيراً منا، لكن لأن بعض الأحلام تسرق من أصحابها في غفلة منهم، وبعض الأحلام لها وقت معلوم لم يحن بعد، أما الحالمون فقد حاولوا كثيراً وعبروا أكثر الطرقات وعورة، حاولوا قدر استطاعتهم، لكن وفي نهاية الطريق يضطرون لأن يقولوا لأنفسهم: إذا لم تتحقق أحلامكم، فالذنب ليس ذنبكم أبداً، فلا تتوقفوا عن الحلم!

أما الحالمون الذين يحلمون أن يغيروا حياة الآخرين لتكون أكثر عدالة وإنسانية، فيذكروننا بما كتبه الروائي ماركيز عن شاعر تشيلي الكبير «بابلو نيرودا» (أفضل شعراء القرن العشرين وفي جميع لغات العالم) هذا الشاعر الذي نال جائزة نوبل في الشعر عام 1971، والذي حين عاد مزهواً بفوزه وجد الآلاف بانتظاره وفي مقدمتهم رئيس البلاد «سلفادور الليندي».

لقد كان نيرودا، شاعر العالم وشاعر فقراء وبسطاء تشيلي، وحين سئل لماذا تكتب الشعر يا بابلو نيرودا أجاب: (كي أغير حياة الفقراء)، ولقد مات نيرودا عام 1973 دون أن تتغير حياة هؤلاء في زمنه، لكنه حاول كثيراً أن يرسم لهم ولتشيلي طريقاً مختلفاً بعيداً عن الطغيان والفساد والتبعية!

Email