اليوم الناجح

ت + ت - الحجم الطبيعي

في واحد من الكتب المغايرة التي يطرحها الناشرون أمام قرائهم، والتي تغازل الذائقة أو الاختيار الرائج والبديهي لدى هؤلاء القراء، حاولت دار صفصافة المصرية، أن تزرع بذوراً مغايرة في حقل مختلف، فقدمت الكاتب «بيتر هاندكه» الحائز جائزة نوبل للآداب عام 2019، وعبر مجال مختلف عن الرواية والقصة والمسرحية، فنشرت له سلسلة من الكتيبات التي يتحدث في كل واحد منها عن فكرة بعينها من خلال فهمه ورؤيته للحياة وشؤون الإنسان العادية والتي تعنينا جميعاً، لكنها لشدة عاديتها، لا نقف ولو للحظة لنطرح عليها أي سؤال، وهذه هي مهمة الكتاب عادة!

يناقش هاندكه موضوعات مختلفة كجزء من رؤيته للعالم والحياة والعمل مستعيناً بذكرياته وسيرة حياته ولقطات من طفولته ونظرته للشعر والفن والموسيقى والفلسفة فيكتب تحت هذه العناوين: التعب، الموسيقى، السكون والخلاء، اليوم الناجح، وهكذا، ولأن الكتاب والفلاسفة هم منتجو أفكار وصناع فلسفة في نهاية الأمر، لذلك فليس من الغريب أن تلفتهم أمور لا تلفت الآخرين، إن هذه الفلسفة في مضامينها العامة هي حجر الأساس لمشروع أي كاتب أو روائي.

في (يوم ناجح) يطرح الكاتب منذ البداية هذا السؤال: من شهد منكم يوماً ناجحاً في حياته؟ ويجيب لأنه أحد هؤلاء الناس (الأغلبية ستقول إنها مرت بمثل هذا اليوم!) وليحدد هاندكه الغاية منعاً لأي تداعيات يقول: إذن لنسأل سؤالاً آخر: وأنت تجيب هل تقصد ناجحاً أم جميلاً؟

هل اليوم الناجح هو اليوم الخالي من الهموم؟ هل اليوم الناجح هو اليوم الذي مر بك دون مشكلات؟ هل اليوم الناجح هو اليوم السعيد؟ وهكذا تتوالد الأسئلة وتنتج الأفكار. ماذا لو سألكم بيتر هاندكه أن تصفوا يوماً كهذا؟ تذكروا تلك الأيام يوم كنتم تلاميذ في فصل اللغة وكان المدرس يطلب منكم كتابة موضوع عن الإجازة الصيفية، هل يمكنكم كتابة موضوع عن اليوم الناجح من وجهة مغايرة اليوم؟

Email