الأفكار الهشة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا بأس أن نمشي قليلاً للخلف أحياناً، فهناك ما فاتنا أن نراه جيداً، أن نفهمه ونستوعبه ونعيه جيداً، ونحن نركض للأمام، كمجتمعات وكمثقفين نحمل شيئاً من الوعي وكثيراً من الإدراك.

إن حادثة واحدة قد تستحضر تاريخاً كاملاً، أو حقبة كاملة لأمة من الأمم، ألا يحدث أن تدور أحداث واقعة ما أمامنا، فتلفتنا وتقودنا من أيدينا وتدخلنا في حلقات متصلة من الأفكار والأسئلة والنقاشات؟ وأحياناً تدفعنا دفعاً للدخول إلى التاريخ من أوسع أبوابه أحياناً؟

في هذا الفضاء الكبير الذي اسمه الوطن العربي، لا يزال بعضنا، ويا للأسف، يراوح في المكان نفسه، إن بأفعاله أو بأفكاره أو بقناعاته، على الرغم من أن العالم، وليس منطقتنا العربية فقط، قد تحول وانقلب رأساً على عقب، خلال العشرين عاماً الماضية، منذ دخلنا سنوات الألفية الثالثة، ومنذ اخترع الإنسان الإنترنت وفجّر ثورة المعرفة والتقنية، وألغى الحدود والمسافات، واستقر فعلاً في القرية الصغيرة التي بشر بها منذ عقود أستاذ الاتصال مارشال ماكلوهان!

إن الكثير من المحظورات في الثقافة، والتابوهات في الأدب، ليست دائماً محقة، ولا تدافع دائماً كما يقال لنا عن الدين، ولا تحمي دائماً الأخلاق وتماسك المجتمع ضد البلبلة والأفكار المنحرفة، فالحرية كانت فكرة فاسدة في حكم ماوتسي تونغ في الصين مثلاً، وحرية الإبداع كان جزاؤها الموت في سهول سيبيريا زمن ستالين، وعدم الإيمان بالنازية كان مصيره الحرق زمن هتلر، بمعنى أن هناك أفكاراً عظيمة تبدو فاسدة في زمن ما، رغم الفساد السائد عند من يحرمها!

وعندما أباح الخميني دم الكاتب البريطاني سلمان رشدي بسبب كتاب ألفه، وقيل إنه تجاوز فيه على أصل في الدين، هل أراد الخميني أن يحمي الإسلام وإيران مثلاً ؟ فماذا عن الفساد والفقر ومصادرة الحريات في زمنه، ألا يعتبر ذلك أخطر من كتاب سلمان رشدي على الدين والناس معاً؟

Email