ما الذي يغير النفوس؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

رواية «لائحة رغباتي» للكاتب الفرنسي غريغوار دولاكور، رواية خفيفة بكل ذلك البعد الفلسفي الذي يبرع الفرنسيون في سبره، وبكل تلك الأفكار التي تثيرها، والأسئلة التي يمكن للقارئ أن يطرحها حول سلوكيات أبطالها، وتحديداً الزوجة بطلة الرواية في تصرفها حيال المال، وكذلك الزوج، تحيلنا الرواية في مراوحتها بين الخفة والعمق إلى واحد من أشهر عناوين الروائي ميلان كونديرا حول «الكائن الذي لا تحتمل خفته» كذلك هي الرواية!

قرأت الرواية منذ أن أصدرها المركز الثقافي العربي في 2014، وكتبت حولها أيضاً، لكنها تطفو إلى السطح دائماً في كل مرة يدور الحديث حول المال، والتربح البشع للبعض من الوظائف العامة، وسقوط الكثيرين أمام إغراء المال!

لذلك تبدو تلك المقولة «الفلوس تغير النفوس» وكأنها مركبة بشكل غير محكم، أو بشكل خاطئ ومعكوس، فالمال لا يغيرنا إذا كان القصد من التغيير هو تغيير الأخلاق أو إفسادها، إن المال أو الفلوس تلعب دوراً مؤكداً في كشف حقيقة النفوس، ومدى هشاشتها أو صلابتها أمام إغراءات مختلفة لعل أقواها تأثيراً: المال والنفوذ أو السلطة، إن الإنسان لا يتغير هكذا فجأة، إن الذين يتغيرون يكونون في الحقيقة مستعدين للتغيير قبل المال وقبل المناصب، لكنهم بحاجة لتلك القشة التي تكسر حاجز الزجاج الذي يخفون حقيقتهم خلفه!

في الرواية لم تكن الحبكة في حصول بطلة الرواية جوسلين على مبلغ 18.547.301 يورو، في سحب اليانصيب، بل كانت في محنتها في الاختيار ما بين الإبقاء على حياتها الراهنة التي تعيشها برضا مع وجود رغبات غير متحققة، وبين الإعلان عن ذلك المال وتحقيق كل رغباتها، وبالتالي وقوع المحظور، وهو تغير حياتها كلها؟

كانت الأزمة في الاختيار بين واقعين متباعدين، كان يحمل في طياته احتمال خسارة عميقة من نوع ما، حتى وإنْ لم تكن مؤكدة، لكن ما الذي يضمن لها أن يبقى زوجها بكل هذا الحنان، وأن يبقى أبناؤها وجيرانها وكل واقعها على ما هو؟

Email