القارئ الأخير!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أسدل الستار مساء البارحة على الدورة الثامنة والأربعين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وكما يحدث في آخر يوم في كل معارض الكتب، الكل يتعجل اللحظة الأخيرة ما قبل النهاية، البحث عن كتاب تذكروه فجأة، اقتناص الخصومات التي تقدمها كثير من الدور قبل أن تدق ساعة الإغلاق، أما الذين فاتهم حضور المعرض تماماً لأسباب مختلفة فإنهم يحضرون على عجل متأملين شراء أكبر كمية ممكنة من الكتب بأقل الأسعار، وهذه واحدة من النظريات السائدة لدى زوار معارض الكتب في اليوم الأخير!

في الحقيقة فإن العارضين والناشرين يمنحون القارئ المتعطش للكتب هذا الأمل البعيد، ولكن بشيء من التردد، وبدون مبالغة، فهم لا يقدمون أسعاراً مختلفة جداً أو خصومات بنسبة 90%‏ كما يعتقد عشاق الكتب، لكنهم يحاولون الاستفادة من عجلة اليوم الأخير، ومن إحساس الناس أنهم سيضيعون الفرصة الأخيرة لو لم يشتروا تلك القوائم التي أعدوها منذ زمن انتظاراً للمعرض.

الكتب باهظة الثمن، هذه هي الملاحظة التي أجمع عليها جمهور معرض القاهرة للكتاب، هذه النتيجة الحاسمة لم تمنع الناس من الشراء وبكميات كثيرة، ولم تمنعهم من المجيء إلى أرض المعارض كل يوم وبأعداد متزايدة، كما لم تمنع الشباب والصغار وطلاب المدارس من حضور المعرض وبحماس كبير، هذا مع ملاحظة أن مغريات الدعم المقدمة لهم تكاد تكون معدومة.

الذين لم يستطيعوا برغم كل ذلك من الحصول على الكتب المعروضة، فلا مجال أمامهم سوى سوق الكتب المزورة، وهنا فإن ملفاً خطيراً وملتبساً سيلوح أمامنا ونحن نتحدث في هذه النقطة تحديداً، سوق الكتب المزورة، المسروقة الحقوق، المطبوعة في أسوأ المطابع وبأقل مواصفات الجودة، هذا الكتاب الذي يسميه المصريون بالكتاب «المضروب» يمكنك أن تشتريه بقيمة 5 دراهم للكتاب، لكنك في الوقت نفسه ستكون بذلك قد شجعت تجارة موازية وغير قانونية وتضر بشكل كبير بالكتاب والناشر والمؤلف والمترجم معاً، حتى وإن قال البعض إن هذه التجارة توفر كتباً للفقراء والطلاب الذين لا يملكون 300 جنيه ثمن نسخة قانونية محترمة!

القضية أكبر من القارئ ومن الناشر والمؤلف، إنها تتعلق بدعم الثقافة وجعلها جزءاً من سلوكيات المواطن العربي، هذا المواطن الذي يرزح تحت عبء ضغوطات ومطالب كثيرة في ظل دخول متدنية جداً، وفي ظل انسحاب العديد من الحكومات من دور الداعم الحقيقي، إذن فما هو الحل هنا؟

Email