من يدير مصارفنا الوطنية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في حديث بيني وبين أحد المصرفيين الخليجيين سألني وهو يظن أن من يكتب عموداً في صحيفة يومية يملك اجابة عن كل سؤال، ويعرف من الأسرار ما لا يعرفها غيره، باعتباره من المطلعين على بواطن الأمور، وهو ظن أو فكرة لا أساس لها من الصحة، إلا اذا كان هذا الكاتب من وزن محمد حسنين هيكل مثلاً أو من يماثله في القرب من أصحاب القرار، لكن بما أن المثل يقول (الصيت ولا الغنى)، فقد جعلته يتحدث ويسأل وأنا أنصت وأناقش في واحد من أكثر الموضوعات أهمية عندنا هنا في الإمارات!

يقول المصرفي: لقد استنكرت كما بقية المصرفيين أن وفد كبار المصرفيين الإماراتيين كان في معظمه من غير الجنسية الإماراتية، حيث ضم الوفد شخصين إماراتيين فقط من مجموع وفد معظمه من الجنسيات الأوروبية والآسيوية، وقال إن هذه المسألة دائماً ما تلفت نظر أعضاء الوفود الأخرى من كبار المديرين التنفيذيين للمصارف في الدول الخليجية، وهم مواطنون من تلك الدول، وليس بينهم أجنبي واحد، بينما يأتي الوفد المصرفي الإماراتي وليس من ضمنه سوى مدير واحد مواطن او اثنين فقط!

هذه الظاهرة تثير الاستغراب فعلاً، نظراً لما تتميز به الإمارات من سمعة دولية رائعة في جميع المجالات، وما تحظى به من مراكز متقدمة في مجالات الشفافية والحوكمة، وسياسات التوطين والاستثمار في العنصر المواطن، ولما توليه القيادة من دعم واضح للموارد البشرية من الشباب من الجنسين وتمكينهم في كل الأعمال والوظائف، كما أن الإمارات تعمل منذ سنوات طويلة على مسألة توطين القطاع المصرفي في مستوى الإدارة العليا وفي المستويات الأقل، وهناك لجنة تعمل في هذا الاتجاه كما أن هناك قرارات وقوانين تلزم المصارف بالتوطين حسب نسب محددة، وغير ذلك من الجهود المشهود لها بالقوة والأهمية!

إن ملاحظة المصرفي في مكانها، لأن توطين الإدارة العليا صانعة ومتخذة القرار في المصارف الوطنية على الأقل له علاقة بالناحية الأمنية، وبتنفيذ سياسات التوطين، وبتقديم صورة جيدة لسياسات الضبط والتوطين في الإمارات (كبار المديرين التنفيذيين الإماراتيين في المصارف الوطنية الكثيرة يعدون على أصابع اليد الواحدة)! المسألة لا علاقة لها بالأناقة القومية أو (البرستيج) العام أمام العالم فقط، ولكنها تتغلغل في نظام الأمن المصرفي وصنع سياسات التوظيف والحوافز وضبط حركة المال وحركة الاستقالات والسيطرة على المسؤولين بالدرجة الأولى عن تحويل بيئة العمل الى بيئة طاردة وبالتالي نشر ثقافة سلبية عن الشباب الإماراتيين المتقاعسين الذين لا يحتملون أعباء العمل المصرفي، وفق نظام صارم وقاس من حيث التوقيت ونظام الإجازات والمرتبات.. التساؤل بحاجة لإجابة مقنعة!!

Email