الذاكرة الضعيفة وكرة النار لدى دولة الرئيس ميقاتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يقرأ اللبنانيون، منذ زمن، خبراً مفرحاً عن الحكومة كالخبر الذي قرأوه يوم الأحد عن عدم تمسك الرئيس ميقاتي برئاسة الحكومة، تنفسوا الصعداء وقالوا في قرارة نفسهم منيح اللي طلعت منّو.
أكثر من سنة من عمر هذه الحكومة، لم يعرف فيها اللبنانيون خبراً مفرحاً، كان فيها الرئيس ميقاتي يُجدوِل مواعيده وفق استحقاقات خاصة:

تنقلاته بين لندن وجنوب فرنسا غالباً، وبعض الجولات الخارجية لاستكمال ألبوم الصوَر أكثر من أي شيء آخر. كان يُسوِّق الشعارات في الخارج ويبيع الأوهام في الداخل. لم يكن بالإمكان تسجيل أي إنجاز له ولحكومته على مدى عام وبضعة شهور من عمر حكومته. لكنه كان يُدرِك أن الناس بدأوا يكتشفون الأوهام التي لم تعُد تنطلي على أحد، وحين شعر بأن الأوهام تعممت أطلَق مناورةً جديدة يُعلِن فيها أنه غير متمسك برئاسة الحكومة وأنه مستعدٌ لترك السراي مُمَنِّناً الشعب اللبناني بأنه تلقّف كرة النار في أصعب الظروف.

إذا كانت الذاكرة تخونه فإنها بالتأكيد لا تخون الشعب اللبناني، الرئيس ميقاتي لم يتلقَّف كرة النار بل قَبِل بنتائج الإنقلاب الأبيض الذي وقع ضد الرئيس سعد الحريري. كان الرئيس الشاب مجتمعاً مع الرئيس الأميركي باراك أوباما فأُدخِلَت قصاصة ورق إلى الاجتماع كُتِب عليها إن ثلث الحكومة اللبنانية قدَّم استقالته، كان الرئيس ميقاتي يراقب المشهد من منزله في فردان ويتحيّن الفرصة لتلقُّف نتائج الإنقلاب وليس كرة النار. عَرضَ الانقلابيون رئاسة الحكومة على أكثر من شخصية سنية فرفضت، لكن الرئيس ميقاتي قَبِل، وقبل القبول فاتحه الرئيس الحريري بالأمر فكان جوابه:
أنا لا أخونكَ. لكن كلام المجالس محته الوقائع فقَبِل!

عن أية كرة نار يتحدَّث؟
ربما التبس عليه الأمر، فكرة النار هي في يد الشعب اللبناني، وهي تتمدَّد وتتوسَّع لأن ما من حكومة تُطفئها، كرة النار تمتد على أكثر من ملف:
من الكهرباء إلى المياه إلى سلسلة الرتب والرواتب إلى صيدا إلى اليمونة إلى طرابلس إلى طريق المطار، فعن أية كرة نار يتحدَّث دولته؟

الجميع يذكر أنه في كل مرة كانت تشتعل فيها كرة نار في أيٍّ من المناطق أو الملفات الآنفة الذِكر، يكون رئيس الحكومة على سفر، فإما في لندن أو في جنوب فرنسا أو في البحر، فعن أية كرة نار يتحدَّث؟

قليلٌ من احترام ذاكرة الناس يا دولة الرئيس! الناس لا ينسون خصوصاً إذا كانت الملفات من النوع الذي يحرق الجيوب والعقول، فهل هذا وهمٌ أيضاً يا دولة الرئيس؟
 

Email