الدول الغنية تكدس لقاحات "كورونا" باتفاقات شراء مسبقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

وافقت دول عدة  على شراء ملايين الجرعات من اللقاحات وتعهدت بمليارات الدولارات لهذا الهدف، حتى قبل أن تبرهن تلك اللقاحات على نجاحها، وتعقد الآن تلك الدول الغنية بمعظمها.

وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا، ما يطلق عليه "اتفاقات شراء مسبقة" مع عدد من شركات الأدوية لزيادة احتمال أن تحصل على لقاح واحد ناجح على الأقل في وقت مبكر هذا العام، في ظل مخاوف من تكديس الدول الغنية اللقاحات لتطعيم سكانها في سباق غير عادل مع الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.

فما هي تلك "الاتفاقات" التي كانت تعقدها الحكومات والمنظمات الدولية والشركات الخاصة مع صانعي اللقاحات لشراء عدد كبير من جرعات اللقاحات المرشحة، حتى قبل أن تصبح جاهزة؟

يفيد موقع " دويتشية فيليه" أن الغاية من ورائها تحفيز شركات اللقاح على إنتاج لقاحات معينة قد تشعر أنها قد لا تكون مربحة بما فيه الكفاية، أو ليس لديها سوق كبير، فتمنح تلك الصفقات الشركات الآمان للاستثمار في البحث والتطوير وتوسيع نطاق إنتاج اللقاحات. أما شروطها فتختلف من صفقة إلى أخرى. ففي كثير من الحالات، تعتمد المدفوعات لشركة اللقاحات على نجاح لقاحها، كما هو الحال في معظم الاتفاقيات الحكومية الأخيرة لشراء لقاحات فيروس كورونا.

لكن هناك أيضا حالات عندما لا تخضع فيها الاستثمارات لنجاح اللقاح سريرياً، بالتالي إذا لم يحصل اللقاح على موافقة من الجهة التنظيمية، فإن كلاً من الراعي وصانع الأدوية يخسر مالاً.

وتستثمر حالياً العديد من الدول كالولايات المتحدة، والمنظمات مثل التحالف الدولي للقاحات " غافي" فيما يسمى تصنيع "لقاحات كوفيد-19 معرضة للخطر"، مما يعني أنها تمول صانعي اللقاح للبدء بإنتاج اللقاح على نطاق واسع في وقت لا يزال قيد التقييم في التجارب السريرية.

يوضح المتحدث باسم "تحالف غافي" لدويتشه فيليه" ذلك بالقول: "إذا لم نقوم بـ "التصنيع المعرض للخطر" فعندما ينجح اللقاح في التجارب السريرية سيكون هناك تأخير (يقدر بحوالي عام) من وقت النجاح السريري إلى توسيع نطاق الإنتاج"، وهو يتوقع أن تساعد المدفوعات المسبقة في تقليص الإطار الزمني لتطوير لقاح كوفيد-19 إلى 12 -18 شهراً من خلال تأمين المواد الخام وبدء التوسع في التصنيع وإنتاج اللقاح اثناء التطوير.

وكان اللقاح الذي تقوم بتطويره جامعة أكسفورد مع شركة استرازينكا قد حقق أعلى عدد من تلك الصفقات حتى 20 أغسطس 2020، وفقا لـ "دويتشيه فيليه".

بالأرقام

أما الدول التي كانت تبذل جهوداً حثيثة لإبرام اتفاقات شراء لقاحات كوفيد-19، فقد جاء على رأسها الولايات المتحدة، التي خصصت 10 مليارات دولار لشراء ما لا يقل عن 700 مليون جرعة من اللقاحات.

ويشمل هذا المبلغ 1.2 مليار دولار مخصصة لشراء ما لا يقل عن 300 مليون جرعة من لقاح "اكسفورد واسترازينكا"، و1.5 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة من لقاح "مودرنا"، و1.9 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة من شركة "بفايرز وبيوتنيك"، و2.1 مليار دولار مقابل 100 مليون جرعة من "سانوفي وغلاسكو سميث كلاين".

بالإضافة إلى 1.6 مليار دولار يتم انفاقها على 100 مليون جرعة من شركة "نوفافاكس" للتكنولوجيا الحيوية في ماريلاند. وأفيد في 5 أغسطس أن الولايات المتحدة عقدت اتفاقاً مع شركة جونسون آند جونسون لتأمين 100 مليون جرعة من لقاحها بما يعادل مليار دولار.

ثم تأتي بريطانيا في الترتيب مع تأمين حوالي 340 مليون جرعة من ستة أنواع من اللقاحات المرشحة. ولدى المملكة المتحدة صفقات لشراء لقاحات من "سانوفي وغلاكسو سميث كلاين"، و"بفايزر وبيونتيك"، و"اكسفورد واسترازينكا". وفي 14 أغسطس أفيد أنها وقعت على اتفاق لشراء 90 مليون جرعة من "جونسون أند جونسون" و "نوفافاكس".

ثم الاتحاد الأوروبي الذي وافق على شراء 300 مليون جرعة من لقاح استرازينكا في أول صفقة شراء مسبقة. ويجري التكتل محادثات مع شركات أخرى منها جونسون أند جونسون و"سانوفي وغلاسكو سيمث كلاين"، و"بفايزر"، و"مودرنا". وقد أعلن في 13 يوليو عن عقد صفقة مع "سانوفي" على شراء 300 مليون جرعة من لقاحها، مع إجراء مباحثات مع شركة "كورفاك" التي تملكها الحكومة الألمانية بشأن شراء 225 مليون جرعة من لقاحها.

بلدان غنية أخرى مثل اليابان وأستراليا كانت توقع أيضا صفقات شراء مسبقة، حيث أفيد عن تامين طوكيو 120 مليون جرعة من "بفايزر وبيونتيك"، وموافقة كانبيرا على شراء 30 مليون من لقاح "أكسفورد استرازينكا"، و 51 مليون جرعة لقاح من صانع الادوية العملاق الاسترالي "سي إس ال".

هذا في وقت تبدو الصين تراهن على لقاحات صينية، وعلى الأقل ثلاثة منها في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية. فهناك شركة الأدوية الصينية التي تديرها الدولة "سينوفارم" التي تطور لقاحها بالتعاون مع معهد ووهان للمنتجات البيولوجية وتأمل بوصوله نهاية عام 2020، وهناك لقاح "كان سينو بيولوجيكس".

أما بالنسبة إلى روسيا، فقد أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" في 20 سبتمبر أن روسيا أمنت طلبات لتوفير ما يصل الى 1.2 مليار جرعة من لقاحها لدول في آسيا وأميركا الجنوبية والشرق الأوسط، وأن فيتنام سجلت شراء 50 مليون جرعة من اللقاح الروسي سبوتنيك 5، فيما قال كيريل ديمتريف رئيس صندوق الاستثمار الذي مول تطوير اللقاح أن هناك طلبات مسبقة بمليار جرعة من حوالي 20 دولة.

وفي هذا السياق، تفيد منظمة أوكسفام البريطانية، أن 51% من إمدادات اللقاحات في مراحل المتقدمة تم شراؤها من قبل دول غنية، تمثل فقط 13% من إجمالي سكان العالم، وحذرت أيضا أنه حتى لو نجحت اللقاحات المحتملة الأكثر ترجيحا وهي خمسة فإن 61% من سكان العالم لن يحصلوا عليها حتى عام 2022 على الأقل.

Email