أوروبا تقود قاطرة العالم للخروج من العزل المؤلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

التقط العالم الأنفاس بعد طول معاناة، وتنفّس «بعض صعداء» مع قفزة معدّلات التعافي من فيروس «كورونا» إلى مستويات قياسية، وتراجع نسبي في عدد الوفيات والإصابات معاً، ما حفّز معظم دوله على تخفيف إجراءات العزل والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.

قادت أوروبا قاطرة الخروج من العزل الشامل، مستندة إلى تراجع قياسي في وفياتها بل وإصاباتها، بعد شهور عصيبة أدخلت القارة العجوز نفق الموت اليومي المهول، إلّا أنّها عضّت على الجرح وفعلّت تطبيقاً صارماً لقواعد التباعد الاجتماعي حتى ظهر لها الضوء في نهاية النفق المظلم، لتبدأ مشوار الخروج الحذر من السبات الطويل.

من إسبانيا إلى إيطاليا وألمانيا مروراً ببريطانيا وفرنسا وصولاً إلى سويسرا ودولٍ أخرى، بدأت الحياة تدب في أوصال الشوارع، وفتحت المؤسسات أبوابها لأول مرة منذ شهور، وعادت المسارح والمتاحف والحدائق لاستقبال زائريها، بل ورفعت الحواجز عبر الحدود، واستعادت الأنشطة الرياضية زخمها في بعض الدول فيما أخرى على وشك.

لقد شجّع التحسّن النسبي في التعامل مع الوباء الفتاك كثيراً من الدول في القارة على إعطاء الضوء الأخضر بعودة السياح إلى واستعادة القطاع الحيوي ولو بعض زخمه المفقود. تقود جل المؤشّرات إلى استنتاج مفاده أنّ أوروبا على وشك الخروج من الجائحة التي أرهقت اقتصاداتها وأحالت اتحادها إلى جزر معزولة، وكلّفتها من رصيد قواها البشرية الكثير. مثخنة بالجراح تتملس أوروبا طرق التعافي الوعرة

ولم تتأخّر دول منطقة الشرق الأوسط عن ركب الخروج التدريجي من العزل وإعادة فتح الحياة، ثمرة لجهد مضنٍ بذلته معظمها في تطويق الفيروس، والتوسّع في إجراء الفحوصات على سكانها، واتخاذ احتياطات تؤمّن الناس من شرور الانتكاسة حال حدوثها.

خرج الناس إلى المساجد في الحرم المدني الشريف والمسجد الأقصى المبارك بعد طول انقطاع، وعاد الموظفون إلى أعمالهم في مختلف القطاعات، فيما بدأت المطارات الداخلية في استقبال المسافرين، والمطاعم والمقاهي في استقبال الرواد. اتخذت دول المنطقة منهجاً وسطاً في الخروج من العزل، يضمن دوران عجلة الإنتاج وضخ الدماء في الاقتصادات، ولا ينسى في الوقت نفسه تطبيق إجراءات التباعد منعاً لتفشٍ جديد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر.

نعم لم تقدم الولايات المتحدة الأمريكية على رفع إجراءات العزل في ظل معاناة استثنائية جعلتها بؤرة «كورونا» الأولى عالمياً إصابات ووفيات، إلّا أنّ انخفاض أعداد الوفيات مؤخّراً يشير إلى أنّها وجدت المخرج وسلكت طريق تعافٍ قد يطول السير فيه، بيد أنّ المؤكّد أنّها ستمضي في رفع العزل عما قريب وستستعيد الحياة تدريجياً.

لا يبدو حتى الآن من أفق لخروج بؤر التفشي الجديدة (البرازيل وروسيا) من عنق الزجاجة في ظل ما تشهدانه من ارتفاع كبير سواء في عدد الإصابات أو الوفيات، إلّا أنّ الحقائق تقول إنّهما ستسيران على طريق أوروبا وستعلنان قريباً ربما احتواء الوباء والخروج من العزل.

تتردّد آسيا من رفع إجراءات العزل لكنها في الطريق إلى ذلك، فيما تتخوّف قارة إفريقيا رغم أنّها من أقل القارات تضرّراً ربما تحسباً من أن يجتاحها الوباء على حين غرة وتصبح بؤرة تفشيه الجديدة والأخيرة.

Email