هل عطّل الوباء الردع الأمريكي ضد الصين في آسيا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم صراع مرير بين أمريكا والصين على مناطق النفوذ والممرات الاستراتيجية جنوب شرق آسيا، فإن الطرفين حافظا على مواقعهما الأساسية، وشبكة حلفائهما، في تلك المنطقة الحيوية التي يطلق عليها بحر الصين الجنوبي، وهو جزء من المحيط الهادئ. لكن مع تفشي فيروس «كورونا»، سارت الجائحة بما لا تشتهي أمريكا من الناحية العسكرية. فقد أدى إصابة عناصر من القوة الأمريكية على حاملة الطائرات «تيودور روزفلت»، المزودة بصواريخ نووية، إلى نقل الحاملة الاستراتيجية بعيداً عن طريق التمدد الصيني في تلك المنطقة، ليفتح «كورونا»، تلقائياً، طريقاً للصين في ظل غياب القوة الأمريكية الضاربة بين أرخبيل من الجزر والممرات المتنازع عليها بين دول المنطقة.

ومع رسو حالة الطائرات روزفلت في جزيرة غوام، في المحيط الهادئ، بعد حاملة الطائرات «رونالد ريغان» التي رست في اليابان أيضاً عقب ظهور إصابات بفيروس «كورونا» على متنها، باتت جميع حاملات الطائرات التابعة للولايات المتحدة في غرب المحيط الهادئ، راسية. واعترف وزير البحرية الأمريكي بالوكالة، بأن ذلك يمثل تحدياً لجهوزية القوات الأمريكية.

وقد أدى الكشف عن إصابة أفراد طاقم «روزفلت» بالفيروس، إلى غضب في أوساط الإدارة الأمريكية، مما أدى إلى صدور قرار بإقالته على الفور. إلا أن هذا الحدث قد زاد من شعبية الكابتن بريت كروزير، وتدرس وزارة الدفاع الأمريكية حالياً إعادته إلى منصبه.

ولعدم منح الصين شعوراً بالأمان الكامل، تحركت سفينة حربية أمريكية الجمعة عبر مضيق تايوان للمرة الثانية في غضون شهر وسط تصاعد التوتر بين تايوان والصين، وفي وقت تمر فيه حاملة طائرات صينية بالقرب من الجزيرة. ومرت المدمرة «باري» عبر المضيق أيضاً قبل أسبوعين في اليوم نفسه الذي شهد تدريبات نفذتها طائرات حربية صينية فوق المياه القريبة من الجزيرة. وتزامن تحرك المدمرة الأمريكية مع إبحار مجموعة حاملة طائرات صينية نحو الجنوب عبر قناة باشي التي تفصل بين تايوان والفلبين متجهة نحو الشرق.

أمام مخاطر الانزياح الأمريكي من منطقة بحر الصين الجنوبي، قدم المؤرخ الأمريكي، هال براندز، في تصريح لوكالة بلومبرغ، تقييماً عاماً للموقف. وقال بحسب مقتطفات نشرتها وكالة الأنباء الألمانية:

«من المؤكد أن الصين لم تأخذ استراحة من محاولة الهيمنة على منطقة غرب المحيط الهادئ». وبحسب تقييمه، من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه الجهات الفاعلة تتعمد استغلال الفرصة الناتجة عن تفشي فيروس «كورونا»، أم أنها تفعل ببساطة ما تفعله عادة في ظل احتدام الوباء، إلا أن الأمر الواضح هو أنها تضغط لأن الولايات المتحدة مشتتة للغاية. وكان تحويل اتجاه حاملة الطائرات الأمريكية «تيودور روزفلت» إلى غوام مبررا تماماً، نظراً للأزمة الصحية الشديدة على متنها، ومع ذلك فقد سحبت مجموعة ضاربة من غرب المحيط الهادئ في وقت حساس على حد تعبيره. كما أن حاملة الطائرات الأخرى في المنطقة «رونالد ريغان»، عالقة في الميناء أيضاً لأن طاقمها مصاب بفيروس «كورونا». كما توقف تدريب واستعداد القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية وأماكن أخرى بسبب القيود الصحية؛ وعلّقت وزارة الدفاع الأمريكية معظم الرحلات الجوية المحلية والدولية.

أما ما تحاول الولايات المتحدة قوله في هذا الارتباك الداخلي والخارجي الذي تواجهه، هو توضيح أنها لم تخرج من اللعبة. وان إعطاء صورة أن واشنطن مشغولة أو ضعيفة سيؤثر في النهاية على لاعبين ودودين ومعادين على حد سواء. وسيكون هناك دائماً - بحسب المؤرخ الأمريكي- جهات فاعلة مفترسة تتطلع إلى استغلال الضعف والاضطراب حتى إذا كان هذا الاضطراب يؤثر عليهم أيضاً.

Email