رئيسة الأرجنتين السابقة التي يتذكرها الناس ببرامجها الاجتماعية

كريستينا تعود إلى الأضواء عبر الغناء

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل أطلقت رئيسة الأرجنتين السابقة، كريستينا دي كيرشنر، حملتها الرئاسية لعام 2019 أخيراً، عبر أغنية لفرقة "روك" موسيقية؟ هذا ما يؤكده موقع «بانام بوست» مع صدور أغنية «كريستينا القوة» لفرقة «لا مانشا دي رولاندو»، والتي تقول كلماتها: «ذاهبون إلى الجبهة، بكرامة وفرح /‏‏‏ بدعم من الشعب، ما زلنا ذاهبون».

لكن الرئيسة السابقة لم تعلن عن ترشحها للانتخابات الرئاسية بعد، ومن غير المعروف ما إذا كانت الأغنية حظيت بموافقتها أو تشكل نشيد حملتها الانتخابية.

الانتخابات المقبلةلكن معظم الترجيحات تضعها في السباق الرئاسي وجهاً لوجه ضد الرئيس الأرجنتيني الحالي ماوريسيو ماكري، ابن قطب الأعمال والمعروف بسياساته التقشفية.

فهل تحقق ابنة سائق الحافلة والزعيم النقابي والرئيسة السابقة التي يتذكرها الناس ببرامجها ذات النفع الاجتماعي عودة ظافرة بعد فشل ماكري في تحقيق وعود حملته بـ «وقف التضخم»، وعلى أثر انهيار العملة وارتفاع نسبة الفقر في عهده؟

يعرب البعض أنها الأفضل في احتلال مركز الصدارة، فيما يرى آخرون في وجودها ضمن صفوف المعارضة أمراً مواتياً لإدارة الرئيس الأرجنتيني ماكري، لأنه سيشق صفوف المعارضة البيرونية المنقسمة على نفسها، لا سيما بعد حملة اتهامات الفساد الكثيرة التي تلاحقها ومساعديها. ويعتقدون أن حزمة الإنقاذ للأرجنتين بقيمة 57 مليار دولار من صندوق النقد الدولي أخيراً، ستدفع بحظوظ ماكري.

صعودها السياسي

وكانت بدايات اهتمام كريستينا بالسياسة ضمن حركة الشبيبة البيرونية في السبعينات، درست الحقوق وامتهنت المحاماة وعاشت تحت النظام العسكري الاستبدادي.

ثم دخلت مجلس محافظة سانتا كروز في عام 1989، ثم مجلسي الشيوخ والنواب، وصعد نجمها، وكانت معارضة جهورة ضد سياسات الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم الذي قاد تغييراً في البيرونية، متبنياً سياسات الليبرالية الجديدة، وبعد الأزمة الاقتصادية التي أطاحت بمدخرات الطبقة الوسطى ازدادت حظوظ زوجها رئيس الأرجنتين الاسبق نستور كيرشنر بالرئاسة عام 2003.

وقد تمكنت البلاد في عهده من الخروج من عجز سيادي البالغ 82 مليار دولار عبر القطع مع صندوق النقد الدولي والتوجه إلى الجيران في أميركا اللاتينية.

في 2007 أصبحت كريستينا أول امرأة تتولى رئاسة الأرجنتين بعد تنحي زوجها الذي أعلن دعمه لها في الانتخابات. وقد فازت متفوقة على منافسها بفارق 22% من الأصوات.

حكمت لولايتين متتاليتين حتى 2015، واشتهرت بخطاباتها النارية في الأمم المتحدة، وكانت شخصية فاعلة في السياسة الدولية، حيث غيّرت وجهة بلادها على أكثر من صعيد.

عززت علاقات بلادها مع حكومة فنزويلا، في مقابل تدهورها بالولايات المتحدة التي اتهمتها بالوقوف وراء الأزمة المالية. وذهبت بسياسات البلاد الاقتصادية أبعد حيث فرضت رقابة على الرساميل والعملة وقامت بتأميم شركة النفط العملاقة، وغيرها.

أعيد انتخابها لفترة ثانية في 2011، بعد وفاة زوجها بأزمة قلبية، حيث أحب الناخبون برنامجها الاجتماعي، الذي رفع الرواتب وحسّن رعاية الأطفال، وكرّس السيادة الوطنية على الاقتصاد ودعم الطبقة الوسطى.

خلال فترة حكمها، دخلت في مواجهة مع الصحافة، وأثير ضدها عدد من الفضائح السياسية والمالية. ولعل أكبر هذه التهم تلك التي وجهها لها النائب العام الراحل، ألبريتو نيسمان، بالتآمر في عرقلة تحقيقه بشأن تفجيرات بيونيس آيريس عام 1994، التي أسفرت عن 85 قتيلاً.

وتنفي دي كيرشنر مزاعم نيسمان، كما أن العديد من خبراء القانون في البلاد يقولون إن أعضاء فاسدين في جهاز المخابرات لفقوا لها تلك التهم.

اتهامات كثيرة

بعد فترة قصيرة من مغادرتها المنصب، أثيرت ضدها اتهامات جديدة بالفساد واختلاس أموال الأشغال العامة.

ترشحت لمجلس الشيوخ عن بونيس آيريس في 2017، وفازت بمقعد، وقد وفر لها ذلك الحصانة من الاعتقال لكن ليس من الملاحقة القضائية. وقد أعاد ماكري في ديسمبر 2017 فتح التحقيق في مقتل البريتو نيسمان، ووجه القاضي ضدها تهمة «الخيانة ضد الدولة».

وافيد أنها ستتوجه للمحاكمة بتهمة الفساد بقرار من محكمة فيدرالية، حيث تم اتهامها وزوجها بقبول ملايين الدولارات كرشاوى دفعها رجال أعمال إلى مسؤولين حكوميين في مقابل عقود أشغال عامة على مدى 12 عاماً لما أصبح معروفاً بفضيحة «دفاتر الفساد».

وقد منح القاضي كلوديو بوناديو المحققين إذناً بتفتيش ممتلكاتها بعد أن رفع البرلمان الحصانة عنها جزئياً. وتنبع تلك الاتهامات من مجموعة سجلات أبقاها أوسكار سنتينو، سائق لمسؤول في وزارة التخطيط ما بين 2005 إلى 2015، عن تسليم حقائب أموال من متعاقدي بناء إلى مسؤولين حكوميين، حيث يقول المدعي العام إن قيمتها تصل إلى 160 مليون دولار.

وتشمل دفاتر سنتينو إشارة إلى تبادل أموال في منزل كريستينا وزوجها والمقر الرئاسي ومقرات الحكومة، لكن أياً من تلك لم يتم برهانها.

لكن في أغسطس، تم اعتقال أكثر من 12 شخصاً بما فيهم رجال أعمال ومسؤولون حكوميون وجميعهم من المقرر أن يحاكموا، وفقاً للكاتب دانيال بوليتي، في صحيفة «نيويورك تايمز»، الذي يقول إن تلك الاعتقالات كانت بتسهيل من قانون تم التوقيع عليه في نوفمبر 2016، والذي أسس لآلية قانونية للمشتبه بهم للتفاوض على التساهل معهم في مقابل التعاون مع مسؤولي الأمن، فيما يعرف بـ «قانون النادمين». وكان تغيير إجراء جنائي مشابه في البرازيل فتح المجال أمام ما يسمى فضيحة «كار واش».

أول الاعترافات بدأت مع رجال أعمال بما في ذلك ابن عم ماكري، اينجل كالكاتيرا، وفقاً للصحيفة، وتنفي كيرشنر كل التهم وتزعم أن هذه الاتهامات ذات دوافع سياسية.

وقد غردت في يناير بعد مصادرة محكمة أكثر من 30 لوحة من منزلها في أعمال تساوي 4 ملايين دولار، إن ذلك للتغطية وتوجيه غضب الناس «على ما يدعى متحف في منزلي بدلاً من زيادة الضرائب العالية على الإضاءة والغاز والنقل».

تشير الاستطلاعات إلى أن العديد لا سيما بين مؤيدي كيرشنر، مشككين بنزاهة المدعي العام. فأنصارها يعشقون "كريستينا"، أو "ملكة البوتوكس"، كما يطلق عليها منتقدوها من الطبقات العليا، وهم يتذكرون خطاباتها العاطفية وما مثلته من مناهضة للعولمة، وتصويرها لنفسها "راعية الفقراء". وقد يكون أهم إنجاز لها اعادة المحاكمات بحق مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان خلال الدكتاتورية الدامية.

وتبدو كريستينا عازمة على مواجهة الرئيس الحالي. لديها حصانة، لكن حتى هذا لم ينقذ وزيرها الأقوى وزير التخطيط خوليو دي فيدو، الذي تم انتزاع الحصانة عنه من جانب الكونغرس العام الماضي، وهو مسجون حالياً.

Email