تقارير «البيان»

دواعش أوروبا.. قلق لا مفر منه

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو كما هو واضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ يمارس الضغوط على أوروبا عبر بوابة داعش، بعد تصريحاته التي قال فيها إن عدم السماح بعودة المئات من عناصر داعش الأوروبيين إلى بلادهم له تبعات خطيرة قد تضطر واشنطن لإطلاق سراحهم.

وطالب ترامب عبر تغريدة نشرها في «تويتر» بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودولاً أوروبية أخرى بالسماح بعودة أكثر من 800 عنصر من داعش يحملون جنسيات أوروبية اعتقلوا في سوريا.

وطالما طالبت الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا الدول المعنية بمقاتليها المنتمين إلى تنظيم داعش تسلم مقاتليها وخروجهم من مخيمات الاعتقال في المناطق الكردية، ذلك أن الإدارة الذاتية تعاني من تكاليف هذه العائلات على المستوى المادي والأمني، في ظل غياب المؤسسات الدولية التي تتولى عملية الإنفاق على هؤلاء.

ومع بداية حملة دحر الإرهاب ضد التنظيم في آخر جيوبه في دير الزور التي بدأت في أكتوبر الماضي، بدأت أعداد مقاتلي داعش بالتزايد نتيجة هذه الحملة، إذ أقدم المئات من مقاتلي التنظيم على تسليم أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، الأمر الذي فاقم المسؤوليات على الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا لما لهذا الأمر من تبعات أمنية.

خطر مستقبلي

الولايات المتحدة توقفت عند مصير هؤلاء الدواعش الأوروبيين، معتبرة أنهم خطر مستقبلي وعلى الدول التي يحملون جنسيتها إعادتهم وفق التنسيق مع الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، بينما كانت جميع الدول على الإطلاق ترفض استلام مقاتليها.

وأكد مصدر أمني في «قسد» أنها منذ العام الماضي أرسلت رسائل عبر دائرة العلاقات الخارجية إلى الدول المعنية بمقاتليها الدواعش لاستلامهم وفق القوانين الدولية، إلا أنه أيا من هذه الدول لم يتجاوب مع الإدارة الذاتية باستثناء اندونيسيا والسودان وروسيا.

وأضاف المصدر في تصريح لـ«البيان» أن الدول الغربية مترددة جداً في استعادة مواطنيها، بينما تكتفي عائلات هؤلاء الأسرى بإرسال الرسائل عبر منظمة الصليب الأحمر.

تفاقم الأمر بعد الحملة الأخيرة على التنظيم، الأمر الذي دعا واشنطن لطرح الموضوع من جديد وحض الدول الغربية على استعادة مواطنيها، إذ أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه، الأسبوع الماضي أن بلادها تدرس إمكانية إعادة الفرنسيين من عناصر تنظيم داعش المحتجزين لدى القوات الكردية بعد الإعلان عن قرب انسحاب القوات الأمريكية.

وأوضحت بيلوبيه أنها لا تملك «رقما ثابتا» حول عدد هؤلاء الفرنسيين، إلا أن المعلومات تشير إلى أن «قسد» تحتجز نحو 130 فرنسياً.

محرك أساسي

وبالفعل كان الطلب الأمريكي من الدول استعادة مواطنيهم، محركا رئيسيا إذ سلمت الإدارة الذاتية و«قسد» منتصف الشهر الماضي 5 من منتسبي تنظيم داعش، بالإضافة إلى 41 طفلاً وامرأة من عوائل التنظيم يحملون الجنسية الكازاخية، إلى حكومة بلادهم.

وبحسب المكتب الإعلامي لـ«قسد» فإن «الإدارة الذّاتيّة في شمال شرق سوريّا، وقعت بروتوكولاً رسميّاً مع الحكومة الكازاخيّة، سلّمت بموجبه 5 مقاتلي داعش و11 امرأة و30 طفلاً».

وتقول «قسد» إن لديها 3 آلاف من معتقلي داعش بينهم 700 مقاتل يحملون جنسيات أجنبية.

الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، تخشى من استمرار أزمة مقاتلي داعش، وهي تعترف أنها غير قادرة على التعامل مع هذه الأزمة، خصوصاً بعد نهاية الحرب على داعش في الأيام المقبلة.

وبحسب مسؤول رفيع في الإدارة الذاتية، أكد لــــ «البيان» أنه حتى الآن لا توجد لدى الإدارة قوانين تتعلق بمكافحة الإرهاب، أو حتى محاكم تتولى هذا الملف، مشيراً إلى أن مشكلة هؤلاء المقاتلين تتعلق ببلادهم الذين ما زالوا يرفضون استقبالهم.

مسألة مقاتلي داعش، أخذت أبعاداً أخرى أبعد من ذلك، خصوصاً على مستوى النساء والأطفال المحتجزين في مخيمات روج أقصى شرقي البلاد.

ففي جولة سابقة لـ«البيان» على هذه المخيمات، وقفت على أحوالهم المعيشية، إذ عبرت أكثر من عائلة أوروبية عن رغبتها في مغادرة هذه المخيمات إلى بلادهم مهما كانت نتيجة المحاكم في الدول الأوروبية.

ووفقاً لمعلومات خاصة حصلت عليها «البيان»، فإن هناك 370 عائلة أجنبية بين مصرية وتونسية وهولندية – على وجه الخصوص- ، بينما تستحوذ العائلات الفرنسية في مخيم روج على النصيب الأكبر، إذ هناك 25 عائلة فرنسية داعشية في ذلك المخيم في مدينة ديريك.. أما عدد الأطفال فقد بلغ حوالي ألف طفل. إلا أن هذه الأرقام تضاعفت أكثر من مرة بعد الحملة الأخيرة على التنظيم، لكن ليست هناك أرقاما ثابتة نتيجة استمرار المعارك في آخر جيوب التنظيم.

مصير مقاتلي داعش اليوم خاضع للتوجه الدولي وخصوصاً الموقف الأمريكي، وأصبحت العديد من الدول معنية بهذا الملف، فقد قال الناطق الرسمي باسم «قسد» مصطفى بالي في تصريح لـ«البيان»؛ لدينا معتقلون من داعش ينتمون إلى 42 دولة في العالم وهم قيد الاحتجاز بعد انتهاء التحقيقات معهم.

«ذئاب منفردة»

تتخوف الدول الأوروبية من عودة عناصر داعش التي تحمل جنسيتها من مصطلح ما يسمى بـ«الذئاب المنفردة»، والخوف يكمن في عودتهم إلى بلادهم وممارسة نشر هذا الفكر أو على الأقل القيام بعمليات إرهابية مجدداً، إلا أن التفكير من هذا المنظور يقذف بالمخاطر إلى الضفة السورية التي عانت طوال 8 سنوات من التطرف والإرهاب.

Email