سؤال معلق ينتظر الإجابة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب واضحاً وصريحاً على نحو لم يعتده العالم من سياسي. وربما كانت شخصيته التي تبلورت في عالم أعمال خاص، يتصف بالعدوانية المباشرة، والنزعة الشخصية المفرطة، تعطي تفسيرات مناسبة لذلك.

ما يهم هنا، أن ترامب في صراحته «العدوانية»، لا يبقي شيئاً طي الكتمان، فيصرح أن هدفه المباشر هو عرقلة الصعود الصيني، الذي بات يشكل اعتداء مباشراً على مكانة الولايات المتحدة، ورفع في ذلك عدة اتهامات صريحة تتضمن العجز «غير العادل» في الميزان التجاري، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، والتجسس الإلكتروني، واستخدام التكنولوجيا في الأغراض العسكرية، والتمدد الصيني على المستوى العالمي.

وفي مواجهة ذلك، أعلن حربه التجارية على الصين، ولم يستثن منها بقية العالم. وبهذا أعلنت الولايات المتحدة في يوليو 2018 فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على بضائع صينية تبلغ قيمتها 34 مليار دولار، وتبع ذلك قيام الصين بفرض نسبة مماثلة من الرسوم على 545 منتجاً أميركياً، تبلغ قيمتها هي الأخرى 34 مليار دولار.

ولليوم، لا يبدو واضحاً ما المكاسب التي حققها أي من البلدين من هذه الحرب. بل إن آخر المعطيات تشير إلى أن حرب ترامب الحمائية على بكين فشلت في تقليص العجز التجاري بين البلدين، ولم تمنع من صعوده لصالح الصين.

غير أنه من المؤكد أن كلا البلدين تضرر من هذه الحرب؛ فعلى الصعيد الأميركي كان قطاع صناعة السيارات أكثر القطاعات تضرراً، حيث خفضت شركتا «فورد» و«جنرال موتورز» توقعات الأرباح لعام 2018 بسبب ارتفاع أسعار الصلب والألمنيوم نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة.

من الجانب المقابل، عانى الاقتصاد الصيني من ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع التعريفات على الواردات، ما قاد إلى تراجع معدلات الطلب المحلي. كما أن الاقتصاد الصيني نما بوتيرة أبطأ من المتوقع عند 6.5 في المئة في الربع الثالث من العام مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام، مسجلاً أبطأ نمو منذ الأزمة المالية العالمية.

كما انسحبت بعض الشركات الأميركية من الصين نتيجة ارتفاع تكاليف البقاء في السوق الصيني، فيما تسعى بعض الشركات الأخرى إلى تقليل حجم الأعمال مع الصين.

وتحاول الصين مواجهة تهديدات الحرب التجارية بتشكيل تحالفات مع دول أخرى، وهو ما يتضح من تحركاتها في بعض دول أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، ويرى بعض المحللين أن بكين قد تحاول تشكيل تحالف تجاري جديد قد يساهم في عزل واشنطن، وخاصةً أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تضررت من تعريفات واشنطن الجمركية.

في غضون ذلك، ينظر العالم بكثير من الارتباك إلى كل هذه الحيثيات، فيما الأنظار الاتهامية تتجه نحو الولايات المتحدة، وعلى وجه التحديد إلى رئيسها، الذي يفترض أنه يخلط بين الأهداف الاستراتيجية لبلاده، والتكتيكات الاستباقية العميقة للحملة الانتخابية لولايته الثانية.

ولكن هل حقاً، هذه مجرد نزعة رئيس يركز جهوده في سياسات شعبوية تمنح ناخبيه وظائف وشعوراً بالغلبة العالمية..؟ هذا سؤال ظل معلقاً العام المنصرم، ومن المنتظر أن يجيب عنه العام الجديد.

اتهامات

الإجراءات المتبادلة بين أميركا والصين ترافقت مع تراشق سياسي، وحرب تصريحات، فمقابل الاتهامات الأميركية، اتهمت الصين الولايات المتحدة بشن أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي.

Email