فضيحة «ستوركس نست» تنفجر بوجه بابيس

ت + ت - الحجم الطبيعي

اندريج بابيس، رئيس وزراء جمهورية التشيك، متهم باصدار أوامر لمساعديه باختطاف نجله، لمنع إستجوابه في قضية اختلاس أموال من الاتحاد الأوروبي، في الفضيحة المعروفة بـ«ستوركس نست»، وسوف يخضع الأب للتحقيق من قبل الشرطة على أثر الادعاءات التي أثارها الابن عبر إحدى وسائل الإعلام التشيكية، زاعماً أن والده قام باختطافه إلى شبه جزيرة القرم العام الماضي، وقد نفى الأب تلك التهم قائلاً: إن ابنه مريض عقلياً وبحاجة إلى إشراف مستمر، وقد ترك تشيكيا من تلقاء نفسه، لكن التطور الجديد في التحقيق بقضية «ستوركس نست»، أثار شكوكاً مستجدة بشأن مستقبل بابيس السياسي، لا سيما أن وقع الخبر أحدث قنبلة سياسية في البلاد مع دعوة ستة أحزاب في المعارضة لاستقالته أو التهديد بالتصويت على حجب الثقة.

ادعاءات مثيرة

وفي مقاطع الفيديو على موقع «سيزنام» الإخباري، يمكن سماع صوت الابن الذي يعيش في سويسرا مع والدته، الزوجة الأولى لرئيس الوزراء، وهو يقدم ادعاءات مثيرة يبدو أنها تورط والده، إذ قال للصحافيين إن مساعدين لوالده، عرضوا عليه العام الماضي خيار الذهاب في عطلة طويلة إلى جزيرة شبه القرم أو البقاء رغماً عن إرادته في مصح عقلي، فاختار العطلة ليتبين له بأنه تعرض للاختطاف.

وعرّف بابيس الابن الرجل الذي احتجزه بأنه بيتر بروتبوبوف، زوج الطبيبة النفسية ديتا بروتبوبوف التي عالجته في براغ في فترة سابقة، وقال إنه استفاد «من رغبة والدي في اختفائي» وسط فضيحة «ستوركس نست». وقد اتصل الابن بالشرطة يبلغها الأمر، كاشفاً أيضاً عن توقيعه على أوراق لا يعلم بمحتواها. ومن دون ذكر التواريخ، قال إنه سافر بعد ذلك إلى سلوفاكيا وهرب إلى سويسرا بالحافلة. ووفقاً إلى «سيزنام»، كانت ديتا بروتبوبوف مستشارة لبابيس الأب عندما كان وزيراً للمالية 2016-2017، وقد فازت عن حزب بابيس في مقاطعة براغ الثامنة في انتخابات مجلس البلدية.

ومع انتشار الخبر، طالب المدعي العام الأعلى التحقيق بشكوك الابن واستدعائه للتحقيق.

نفي قاطع

رئيس الوزراء الذي كان يحضر مؤتمراً دولياً في إيطاليا، أصدر نفياً قاطعاً، واصفاً التقرير بأنه «تلاعب» ومحاولة «شنيعة من قبل الصحافيين للضغط على السلطات الأمنية، وإخراجه من السياسة. وكتب على فيسبوك أن ابنه مريض عقلياً ويتناول الأدوية، وقال إن ابنته اندريا مصابة باضطراب ثنائي القطب، وهما معفيان من التحقيق، مضيفاً أن الشرطة سبق أن حققت بمزاعم الاختطاف من قبل وصرفت النظر عنها.

وقائع الفضيحة

ومنذ عام 2015 يتعرض بابيس للملاحقة بشكل متقطع، بعد اتهامه بإخفاء ملكية مزرعة «ستوركس نست» أو «كابي هنيزدو» حصلت على مليوني يورو من أموال الدعم للشركات الصغرى من جانب الاتحاد الأوروبي. وقد تم إلغاء حصانته البرلمانية في بداية العام بعد اتهامه باختلاس المال، وأعيد مرتين إلى مسار التحقيق.

وكانت ملكية الشركة قد انتقلت مؤقتاً من شركة بابيس «أغرفرت» إلى ملكية جديدة عام 2007، ثم في مارس 2016 تبين أن ولديه من زواجه الأول هما المالكان للمزرعة ومركز المؤتمرات التابع لها، إلى جانب شريكته وزوجته المستقبلية مونيكا وأخيه. المجمع عادت ملكيته إلى مجموعة أغرفرت التي تضم 230 شركة في مجال الكيماويات والطعام والطاقة والإعلام الآن. وقد أنكر بابيس الأب الذي انتخب على برنامج يعد بمحاربة الفساد كل الاتهامات قائلاً إن «ستوركس نست» كانت هدية لأفراد أسرته، وقد عادت ملكيتها الآن إلى أغرفرت.

الأكثر ثراء

بابيس المولود في براتسلافا بتشيكوسلوفاكيا عام 1954، يعد الرجل الثاني الأكثر ثراء في تشيكيا، تقدر ثروته بـ 3.5 مليارات دولار صنعها من قطاعات الكيماويات والغذاء والإعلام، ويفيد موقع كوربورت يوروب أنه أحد الرأسماليين الذين راكموا ثرواتهم من ضعف الديمقراطيات الشابة بعد انهيار الشيوعية، وأنه دخل التسعينيات بموارد هائلة حيث يشاع أنه كان متعاوناً مع جهاز الشرطة السرية التشيكوسلوفاكية، وقد استخدم موقعه واتصالاته وأرصدته في مصادرة «بتريمكس» شركة الكيماويات الزراعية السلوفاكية التي عمل فيها وأصبحت تعرف بـ«أغرفرت». وقام بشراء غيرها من ملكيات الدولة المعروضة بأقل من سعرها في العادة.

دخل رجل الأعمال البالغ من العمر 63 عاماً السياسة في انتخابات 2010، بعد صعود الحركات الشعبوية، فأسس حزباً سياسياً واشترى صحيفتين نافذتين، وقدم نفسه البديل للنظام الفاسد. كانت الأوضاع الاقتصادية للتشيكيين تتدهور وتضعف ثقتهم بالنظام، فاستغل الوضع.

رجل عصامي

صور بابيس نفسه، وهو الملقب بـ«ترامب التشيكي»، بأنه رجل عصامي من خارج الطبقة السياسية، وكان يروج أن هناك مؤامرة ضده من قبل النظام السياسي، وأنه يرى يد الدولة العميقة الغامضة في كل مكان حتى في وحدة مناهضة الاختلاس للاتحاد الأوروبي، التي فضحت قضية «ستوركس نست»، وأنه قادر على معالجة علل النظام وقطع رأس الفساد والدفاع عن المصالح الوطنية التشيكية. يقول المحللون إن نهجه السياسي يعكس شعارات حركة شعبوية «أدر الدولة كشركة». وقد فاز بسهولة في انتخابات أكتوبر 2017 مع برنامج مناهض للنظام واعداً بتنظيف الدولة ومحاربة الهجرة غير الشرعية، ومشككاً باليورو.

أصبح رئيساً للوزراء في ديسمبر 2017، لكن بسبب الاتهامات الجنائية بحقه لم يتمكن من تشكيل أغلبية حكومية، وقد سقطت حكومته الائتلافية من الأقلية في يناير بعد تصويت بلا ثقة، وهو يقود ائتلاف من الأقلية مجدداً مع «الديمقراطيين الاجتماعيين»، الذين طالبوا بتوضيح الادعاءات الأخيرة التي تقدم بها نجله، قال لوكالة «رويترز» إنه على الرغم من دعوته الجميع للمحادثات من أجل تشكيل حكومة، لم يكن مستعداً للتعاون لا مع اليمين المتطرف «حزب الحرية والديمقراطية المباشر» المناهض للاتحاد الأوروبي، ولا مع «الحزب الشيوعي».

يقول المحللون إن الملياردير بالميول الشعبوية «من دون أيديولوجية» يمثل إخفاق المؤسسات الضعيفة في كبح جماع حكم الاوليغارشية في تشيكيا.

في قضية نجله، تلقى أخيراً دعماً من الرئيس التشيكي ميلوس زيمان الذي قال عن القضية: «تبدو مؤامرة وحشية. هناك اجتماع منتظم مع بابيس، سوف أسأله بالطبع»، متمنياً لرئيس الوزراء أعصاب قوية في الأيام المقبلة، لكن المحلل السياسي جيري بيهي، في جامعة نيويورك في براغ، يعرب لصحيفة «غارديان» البريطانية عن اعتقاده بأن بابيس سيضعف سياسياً، حتى لو تمكن من أن ينجو من تصويت حجب الثقة، فهناك فيديو يذهب إلى صميم شيء عاطفي، حسب قوله.

Email