سيرج سركيسيان على نهج بوتين

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتقل رئيس أرمينيا السابق سيرج سركيسيان من منصبه لتولي مقعد رئيس الوزراء في يريفان أخيراً، فشبّه البعض خطوته بالخطوة التي أقدم عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لجهة تبادل الرئاسة ورئاسة الوزراء مع ديميتري ميدفيديف. وقد انتخب البرلمان سركيسيان رئيساً للوزراء بواقع 77 صوتاً مقابل 17 ضد، على وقع احتجاجات المعارضة في الشارع، التي اعتبرت الخطوة محاولة لتمديد ولايته وتعزيز سلطته في ظل التعديل المتوقع في نظام الحكم.

وكان قد تنحى في 9 أبريل عن الرئاسة بعد أن حكم لولايتين وفقاً للقواعد الدستورية، ومن المفترض من الآن وصاعداً أن يتغير نظام الحكم الرئاسي، الذي يضع معظم السلطة التنفيذية، بما في ذلك الدفاع والخارجية في يد الرئيس، إلى نظام جمهوري برلماني برئيس وزراء قوي. وقد رأت المعارضة في التغيير الحكومي محاولة لتمديد حكم سركيسيان الذي كان يفقد شعبيته، ودعا زعيمها نيكول باشينيان إلى «ثورة مخملية».

وكان سركيسيان قد أطلق تعديلات دستورية مثيرة للجدل عام 2015، لكن عندما سئل لاحقاً عنها قال إنه «لا يطمح» إلى تولي منصب رئيس الوزراء بعد نهاية ولايته الرئاسية الثانية، لكنه أضاف لاحقاً إنه إذا انتخب، فإن ذلك لن يكون لولاية ثالثة له، بل لولاية أولى لحزب جمهوري في حكومة أرمينيا برلمانية. ويفيد موقع بوليتيكو أن انتخابه كان مؤكداً ما أن تم قبول ترشيحه، في ظل سيطرة الحزب الجمهوري الحاكم على البرلمان.

ويعرف عن سيرج المولود عام 1954 أنه درس علم فقه اللغة من جامعة يريفان، وخلال دراسته، أخذ إجازة للعمل في «القوات المسلحة السوفييتية» لعام، وما أن أنهى دراساته الجامعية عام 1979 انخرط في «لجنة رابطة الشبيبة في الحزب الشيوعي» في مدينة ستيباناكيرت بجمهورية ناغورني كاراباخ وتولى رئاستها. وفي غضون 14 عاماً، خدم في مناصب عدة ولعب دوراً بارزاً في الصراع الدائر بين أرمينيا وأذربيجان، حيث تم تعيينه رئيس «لجنة قوات الدفاع الذاتي لجمهورية ناغورني كاراباخ»، ولاحقاً انتخب عضواً في «المجلس الأعلى»، وسرعان ما ترقى إلى وزير للدفاع في عام 1993، ووزير للأمن القومي في عام 1996، ومناصب أخرى في ظل رئاسة روبرت كوتشاريان. وعندما توفي رئيس الوزراء اندرانيك مارغاريان، عين بديلاً عنه، ثم حقق نصراً في الانتخابات الرئاسية ممثلاً الحزب الجمهوري وحاز على نسبة 53 في المئة من الأصوات، فأصبح الرئيس الثالث لأرمينيا.

حدثت تغييرات عدة خلال رئاسته، تحسن مؤشر حرية الصحافة وانتشرت الإنترنت في البلاد. لكن الاقتصاد الأرمني عانى في عهده لا سيما وأن انتخابه تزامن مع الانهيار المالي عام 2009، وقد جاء ترتيب البلاد في المرتبة الخامسة كأسوأ ناتج محلي إجمالي، وفقاً للبنك الدولي، كما تضاعف مستوى الفقر بنهاية ولايته. وبعد انتخابه ولاية ثانية في 2013، كانت هناك احتجاجات للمعارضة على التلاعب بالتصويت.

من أهم إنجازاته توقيع اتفاق سلام بين أذربيجان وأرمينيا، وعلى الرغم من أن البلدين لم يتوصلا إلى حلول ملموسة بعد، لكن المباحثات المنتظمة ساعدت في تخفيف حدة العنف في إقليم ناغورني كاراباخ.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، حاول تطبيع العلاقات مع تركيا في سياسة أطلق عليها «دبلوماسية كرة القدم»، حيث بادر لدعوة الرئيس التركي السابق عبدالله غول لمشاهدة الفيفا. ووقع في 2009 على بروتوكولات لتأسيس علاقات دبلوماسية وعبور حر بين البلدين ما عرضه للانتقادات في الداخل، لكن المصالحة توقفت بعد عام لعدم تصديقها في البرلمان التركي.

وقرر سركيسيان أن يصبح عضواً في الاتحاد اليورو-آسيوي، وكان له موقف مميز بشأن كوسوفو قائلاً: «أرمينيا كانت دوماً داعمة لحق الأمم في تقرير مصيرها، وفي هذا الجانب نرحب باستقلال كوسوفو». يتقن اللغة الروسية وهو متزوج من معلمة موسيقى.

Email