«ناتو» مطالب بكامل ثقله ضد «داعش»

كان هدف الهجمات الأخيرة ضد المدنيين داخل الولايات المتحدة وأوروبا، بتوجيه من «داعش» أو بإيحاء منه، إيجاد مناخ من الخوف وزيادة حدة التوترات السياسية في أنحاء العالم، فمع استمرار تراجع هذا التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا، كان يركز نشاطاته أكثر على نشر الإرهاب في الخارج، أو يستخدم الأطفال في تفجيرات انتحارية، كما جرى في تركيا أخيرا.

وقد حذر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان مراراً من توقع المزيد من الهجمات.

وفيما يمضي تنظيم «داعش» في تحويل استراتيجيته، ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها القيام بذلك أيضا. وقد حان الوقت لحلف شمالي الأطلسي لاستدعاء البند الخاص بالدفاع الذاتي، لإلقاء كامل ثقله وراء دعم الجهود المبذولة ضد داعش.

عدد محدود

سبع دول من حلف «ناتو» الـ 27 فقط، وهي بلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا وهولندا وتركيا وبريطانيا، انضمت إلى الولايات المتحدة في الهجوم على «داعش» بشكل مباشر، على الرغم من شن التنظيم هجمات في أنحاء الغرب، في الوقت الذي يمكن أن تساهم دول كثيرة أخرى ضمن حلف «ناتو» في قوات العمليات الخاصة والطائرات الهجومية وقدرات المراقبة والرصد للعمليات الجارية، بحيث يتضاعف تأثيرها.

وقد حققت قوات التحالف، بما في ذلك قوات الأمن العراقية وجماعات المقاومة السورية، بدعم من القوة الجوية وقوات العمليات الخاصة للولايات المتحدة وغيرها من الدول، بعض النجاحات في محاربة «داعش» في العراق وسوريا.

لكن الجهود الرامية إلى الحفاظ على زخم القتال ضد «داعش» ما زالت تعاني من صراع كامن. فالأميركيون لا يريدون حرباً أخرى طويلة الأمد تقضي بنشر الألوف من القوات النظامية في عمليات قتالية، فيما استراتيجية الولايات المتحدة الحالية في شن الغارات الجوية وتقديم المساعدة المحدودة إلى الشركاء على الأرض ليست كافية لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين.

وقد حان الوقت للاعتراف بأن زيادة الوجود الأميركي، والعمل إلى جانب دول حلف شمالي الأطلسي وغيرهم من الشركاء، بإمكانه تعزيز الجهود الرامية إلى القضاء على «داعش».

ومن شأن إنشاء قوة رد سريع لحلف «ناتو»، لتكون بمثابة قوة هجوم ضد «داعش»، أن يحدث تأثيراً كبيراً. وتوجد لدى دول «ناتو» قدرات متقدمة في مجال الاستخبارات والقوة الجوية والعمليات الخاصة وغيرها من المجالات المطلوبة لمحاربة الإرهابيين.

ومن شأن جلب تلك الموارد الكثيرة لدول «ناتو» من أجل دعم القتال ضد «داعش»، ونقل المعركة إلى العراق وسوريا، أن يساعد في القضاء على الملاذات الآمنة للتنظيم ووقف تدفق اللاجئين إلى تركيا وأوروبا.

أمر ضروري

ويعد فك قبضة «داعش» عن الرقة والموصل أمراً ضرورياً. وفي حال نجاح ذلك، فإن هذا من شأنه أن يقلص قدرة الجماعة على جمع الأموال والتخطيط للعمليات الإرهابية في الخارج وجذب أفراد من جميع أنحاء المعمورة.

ويتعين على الولايات المتحدة وغيرها من أعضاء التحالف المناهض لـ «داعش»، ما إن تسقط معاقل التنظيم، أن تواصل تجميع الموارد لدعم القوات المحلية في جهودها الرامية إلى السيطرة على هذه المناطق، وإلا فإنه من الممكن أن تسقط تلك المدن مجدداً بسهولة.

ويجب على الولايات المتحدة أيضا أن تكون رائدة في مجال إزالة الدعاية على الإنترنت، تلك الدعاية التي تحفز المهاجمين على ربط أحزمة من القنابل على صدورهم ورشق حشود من المدنيين الأبرياء بالنيران.

وتتولى بعض شركات وسائل الإعلام الاجتماعي إزالتها من تلقاء نفسها، ولكن يجب عمل المزيد في هذا الاطار. وقد اقترحت تشريعاً في ديسمبر 2015 يطلب من شركات الإنترنت إفادة وكالات الأمن عند رؤية أي نشاط إرهابي على الإنترنت، حتى يتسنى للسلطات أن تعمل سريعا على هذه الخيوط.

كان الإرهاب موجوداً قبل «القاعدة» و«داعش»، وسوف يبقى حاضرا لفترة طويلة بعد هزيمة هاتين الجماعتين. لكن من خلال مضاعفة القتال ضد تلك الجماعات الإرهابية الآن، فإن الولايات المتحدة، وشركاءها أعضاء حلف شمالي الأطلسي، وغيرهم من الحلفاء سوف يساعدون في استقرار الشرق الأوسط بالتوازي مع جعل الأميركيين وبقية العالم اكثر أماناً في ديارهم.

الأكثر مشاركة