أخطاء تكتيكية لقوات حفظ السلام أسهمت في وقوع مجزرة

أزمات جنوب السودان بلا حلول جدية

القوات الدولية عجزت عن حماية المدنيين في جنوب السودان

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاش مواطنو جنوب السودان، منذ تأسيسها قبل خمس سنوات، فترة وجيزة نعموا فيها بالبهجة وبشائر النجاح، ليقاسوا حالياً الواقع المرير الذي يجسده العنف القبلي، والنهب، واليأس. لقد خذلهم قادة البلاد، وكذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي يسعى، مرة أخرى، للتوصل إلى حل لإنهاء القتل المتفشي، والانتهاكات الأخرى. وتتمثل الخطوة التي يمكن لمجلس الأمن تحقيقها مباشرة بفرض حظر، طال انتظاره، على شحنات الأسلحة، لاسيما على القوات الحكومية التي كانت مسؤولة، إلى حد كبير، عن إراقة الدماء.

بدأت الأزمة الحالية، التي قتل فيها 73 مدنياً، على الأقل، خلال شهر يوليو الماضي، حينما اندلع القتال في العاصمة جوبا، لتنتهي الأحداث الأخيرة بسلسلة من الاتفاقيات لوقف إطلاق النار، لفترة وجيزة، وذلك في حرب أهلية بين القوات الموالية للرئيس سيلفا كير وتلك التي تدعم رياك مشار، النائب السابق للرئيس. علماً بأن الحرب قد اندلعت لأول مرة في شهر ديسمبر عام 2013.

وأخيراً، أفضى تحقيق أجرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، لإلقاء معظم اللوم عن أعمال العنف، التي قيل إنها قد شملت عمليات اغتصاب جماعية، على عاتق قوات سلفا كير الحكومية. ففي حين قتل بعض المدنيين في تبادل لإطلاق النار، جرى إعدام البعض الآخر على يد تلك القوات، التي يبدو أنها قد استهدفت أبناء قبيلة النوير، وهي مجموعة عرقية موالية لرياك مشار. كما وجد التحقيق أن تلك القوات نفسها مسؤولة عن أكثر من 217 حالة من حالات العنف الجنسي.

قال ديفيد مارشال من بعثة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنوب السودان إن الأزمة تتمثل في «قتل المدنيين والتهجير والنهب والاختطاف والاغتصاب وترويع السكان والمدنيين». ومن بين الانتهاكات المروعة التي فصلت في تقرير جديد، تقول الأمم المتحدة إن حكومة جنوب السودان تسمح للمقاتلين باغتصاب النساء كوسيلة لدفع أجرهم.

لقد كانت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، والمكونة من 13 ألف جندي، غير فعالة، وعاجزة عن حماية المدنيين في مناطق اللاجئين التي تديرها الأمم المتحدة. وخلال هجوم في شهر فبراير الماضي على أحد تلك المواقع في شمال مدينة ملكال، ارتكبت قوات حفظ السلام أخطاء تكتيكية رئيسية أسهمت في وقوع المجزرة التي راح ضحيتها 30 شخصاً، وقد تم التخطيط لها من قبل، أو دعمتها على الأقل، القوات الحكومية. ليتبين أن بعض قوات حفظ السلام في ملكال قد تراجعت من مواقعها، أو انتظرت الحصول على تعليمات مكتوبة من المقر الرئيسي، قبل إبداء رد فعل لحماية المدنيين.

يتسم اليوم الاعتيادي في جنوب السودان بأن النساء اللاتي يحتجن لمغادرة المخيمات للحصول على الطعام لأسرهن من السوق، لا يستطعن فعل ذلك دون خطر التعرض للاغتصاب.

وأخيراً، اقترحت أميركا مشروع قرار يخول مجلس الأمن زيادة قوات حفظ السلام، بنحو 4 آلاف جندي، لتأمين جوبا، والمطار والمرافق الرئيسية الأخرى. ويدعو القرار أيضا إلى فرض حظر على الأسلحة، ولكن فقط في حال عدم تعاون الحكومة مع قوة حفظ السلام الموسعة. وهدد مجلس الأمن عدة مرات خلال الأشهر الـ 18 الماضية بحظر شحنات الأسلحة من دون الإضرار بشحنات البضائع.

حظر أسلحة

على ما يبدو، فإن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، التي تخشى فقدان نفوذها لدى الرئيس سلفا كير، رفضت الحد من تدفق الأسلحة. لأن ذلك الحظر سيؤثر على كلا الجانبين، ويعتقد خبراء أن له تأثيراً أكبر على الحكومة، وهي الجانب الوحيد الذي يحوز أسلحة ثقيلة، بما في ذلك طائرات مروحية من أوكرانيا.

Email