إخفاقات السياسة البريطانية تلقي بظلالها على المنطقة

السواحل الليبية أصبحت ممراً رئيسياً للاجئي القوارب أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أدرك إد ميليباند، زعيم حزب العمال مبكراً كيف سببت أحداث العراق إفلاساً فكرياً لحزب العمال الجديد، وربما كان لديه سبب سياسي كامن وراء رغبته في الظهور بمظهر حمامة السلام. سيما أن الوضع المأساوي الحالي في سوريا يجسد تذكيراً بالأهوال التي يمكن أن يستتبعها التلكؤ الغربي، كما تحركه لحلّ الأزمات.

إلا أن ميليباند حين طرح مسألة السياسة الخارجية على جدول أعماله الانتخابي، لم يتحدث عن الأخطاء في العراق، أو يشير إلى حماقات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مخطط سوريا. لقد اختار، بدلاً من ذلك الحديث عن التدخل الذي دعمه، والمتمثل بالحملة الليبية ضد نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وتهديداته بتطهير بنغازي من سكانها. وقد أصبحت ليبيا، عقب تلك الحملة ساحة صراع كارثية، وفي حين أن الأقلية من المهاجرين السبعمئة، ضحايا الغرق بمحاذاة الساحل الليبي هم من الليبيين، أصبح ذاك البلد الخارج عن القانون اليوم ممراً رئيسياً للاجئي القوارب عبر المتوسط وسط المخاطر الكبيرة التي يواجهونها.

لقد اتهم وزير خارجية بريطانيا السابق وليام هيغ ميليباند بإثارة مسائل "وصولية" منحازة تتعلق بالمصلحة الوطنية، إلا أن ذلك اتهام سخيف، فالمصلحة الوطنية ينبغي تعريفها من خلال الجدل الديمقراطي. إن كانت بريطانيا تتحمل بعضاً من مسؤولية الفوضى الحاصلة في ليبيا، فإنها حتماً تتحمل بعضاً من مسؤولية حوادث الغرق.

وكان الأجدى بحزب المحافظين البريطاني تذكير ميليباند، أنه بفضل أصوات أعضاء حزب العمال حول ليبيا، بات هو أيضاً معنياً بالمسؤولية. كان يمكن لهم أيضاً معارضة اقتراحه القائل إن التخطيط لما بعد حالة الصراع كان سيضع ليبيا على مسارٍ مختلف تماماً اليوم.

إلا أنه مع اقتراب موعد الانتخابات، لم يكن مفاجئاً اعتماد الحزبين المماحكات بدلاً من الممارسات البناءة.

وما زال الناخبون يتكهنون من الإشارات الشحيحة المسعورة الوجهة التي يجر زعماؤهم إليها البلاد. ويظهر ميليباند في خضم السياسات الخارجية تلك أنه ليس دوماً حمامة سلام، بل إنه يعتمد نهج الفصل فيما يتعلق بمسألة التدخل.

Email