تفكك اليمن مدخل لتمركز الإرهاب

استئثار الحوثيين بالسلطة تسبب بلجوء الرئيس هادي إلى عدن أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

طغت أخبار العنف المحرض عليه «داعشياً» في منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا على واقع تفكك اليمن، واستئثار الحوثيين بالسلطة. ويعكس الصراع اليمني القائم الشقاق الجغرافي والمذهبي الذي يمزق البلاد، إلا أن الخطر الأدهى يكمن في استمرار حالة الفوضى، على نحو يتيح لمجموعات أكثر عنفاً كتنظيمي «داعش» و«القاعدة» التمركز في اليمن، واستخدامه كقاعدة لعمليات أخرى في العالم.

لقد رفض المتمردون الحوثيون التسوية الرامية لإنهاء العنف في البلاد، وعملوا على تدعيم قوتهم، وعندما أدركوا عجز الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن حكم اليمن، فتحركوا من معقلهم شمال اليمن، وتوجهوا جنوباً عام 2014 للسيطرة على مساحات شاسعة من البلاد. فاستولوا على العاصمة صنعاء، وأخرجوا هادي من قصر الرئاسة في يناير الماضي، قبل أن يعمدوا إلى حلّ البرلمان، واعتقال كبار مسؤولي الحكومة، وصدّ المحاولات الدولية لإيجاد حلٍ للفوضى القائمة.

وعلى الرغم من أن الحوثيين كانوا وليدة نزعة مذهبية، إلا أنهم يفضلون أن يصفوا أنفسهم بأنهم حركة شعبية مناهضة للفساد. ويعتقد بعض المراقبين أنهم حصلوا على التسليح من مخابئ كانت تعود للرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح، الذي أجبر على تقديم استقالته عام 2012، إثر حالة الاضطرابات التي عمت البلاد آنذاك.

وفي حين يسيطر الحوثيون على معظم أجزاء اليمن، إلا أنهم لا يهيمنون عليه بالكامل، تماماً كغالبية الحكومات التي توالت على صنعاء. وينقسم اليمن إلى دولتين، حيث لجأ الرئيس هادي إلى عدن ، فيما يملك تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» معاقل له في الريف، بينما يحاول تنظيم «داعش» فتح معابر له داخل البلاد، في إطار صراعه الدائم مع «القاعدة» لفرض السيطرة على عالم الحركات الإسلامية المتشددة. وتزدهر التنظيمات الإرهابية في ظل الفراغ الذي يولده عدم الاستقرار.

وطالب مجلس الأمن في الأمم المتحدة، أخيراً، بانسحاب الحوثيين من العاصمة لإحراز تقدم في محادثات السلام، كما هدد باتخاذ خطوات تصعيدية، في حال استمرار أعمال العنف. ودعا القرار الدولي إلى وضع حدٍ لجميع التدخلات الخارجية، والدخول في مفاوضات حسن نية دعماً لعملية الانتقال السياسي في اليمن. وناشد مجلس التعاون الخليجي من جانبه، اعتماد مشروع قرار تحت الفصل السابع يتيح فرض عقوبات اقتصادية على الحوثيين، أو إعادة السلام بالقوة.

وقد أوضحت القيادة الحوثية استعداداها لتقاسم السلطة، حيث يمكن لحكومات الخارج ممارسة الضغط تأكيداً على حصول ذلك. وأرغمت حالة الاضطراب في البلاد العديد من السفارات الغربية، وبعض منظمات الإغاثة، والمؤسسات المالية، مثل البنك الدولي على إقفال مكاتبها. ويساهم غياب كل هؤلاء المسؤولين في تجفيف منابع مليارات الدولارات الذاهبة لمساعدة اليمن. ويشكل بالتالي، حافزاً قوياً للحوثيين للعودة إلى طاولة المفاوضات، سيما في ظل ارتفاع وتيرة الاحتجاجات المناهضة لهم في البلاد.

ويكمن أحد العوامل المحفزة الأخرى في ازدياد تمرد تنظيمي «القاعدة» و«داعش». وقد جاهر الحوثيون بمعارضتهم لهجمات الطائرات من دون طيار ضد «القاعدة»، خلافاً للحكومة السابقة، التي كانت حليفاً أساسياً في الحرب ضد الإرهاب. لكن ينبغي على الحوثيين أن يتنبهوا للخطر الذي يمثله «داعش» أيضاً، نظراً للعنف الذي يمارسه على كل المجموعات، التي لا تشاركه رؤيته للأمور. لا تزال السياسية اليمنية جدلية بامتياز، تحبط الأصدقاء والأعداء على حدٍ سواء.

Email