التخلي عن ليبيا وراء الاضطراب الذي يسودها

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ليبيا بلد يتجزأ الآن. فالمتطرفون يشددون قبضتهم على بنغازي، ثاني أكبر مدينة في البلاد، ويسيطرون على المخزونات العسكرية الحكومية. والولايات المتحدة والأوروبيون بدأوا بإجلاء رعاياهم، وإغلاق المقار الدبلوماسية. ونحن لا نتحدث عن العراق. فهذه الأخبار تصدر من ليبيا.

ولهذه الكارثة، جذور كثيرة. فالرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الذي أطيح به قبل ثلاث سنوات، غادر ساحة ليبيا بشكل صادم. ولم تتخل الميليشيات التي هزمته عن أسلحتها، وبدأت باستهداف بعضها بعضا. وتتحمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي، الذين ساعدوا على الإطاحة بالقذافي أيضا جزءا من المسؤولية.

ويضع الصراع الحالي الموالين السابقين للقذافي في مواجهة المسلحين القبليين، أو جيوش المناطق، ويضع المناطق الشرقية المحيطة ببنغازي ضد العاصمة طرابلس، والمتطرفين ضد الجميع تقريبا.

ويريد معظم الليبيين دولة موحدة، وفي أول انتخابات حرة، والتي أجريت في عام 2012، صوتوا لصالح المعتدلين. ومرة أخرى انتخبوا في يونيو الماضي ممثلين عن الكتل العلمانية في البلاد، وخفضوا بذلك عدد الإسلاميين. وعقد البرلمان الجديد، أخيرا، لأول مرة خارج طرابلس المفعمة بالمخاطر.

وتكمن مشكلة ليبيا الرئيسية، منذ سقوط الرئيس السابق معمر القذافي، في عدم وجود قوة أمنية منظمة موالية للحكومة المركزية. وقد انطلقت الميليشيات المسلحة بحرية تعصف بالبلاد. وتصاعد العنف في الاسابيع الأخيرة، وفي غضون ذلك تحرك الاسلاميون، الذين تعرضوا للرفض في مراكز الاقتراع، للسيطرة بالقوة على الأرض والموارد.

وتضم المجموعة التي ادعت السيطرة على بنغازي، أخيرا، أفرادا من تنظيم ما يسمى بأنصار الشريعة.

خيارات أميركا في ليبيا اليوم هي أصعب بكثير مما كانت عليه بعد الأشهر القليلة التي أعقبت الإطاحة بالقذافي. وما سيفيد العالم بالفعل، هو تعلم واشنطن من دروس التجربة الليبية. فالتدخل الأميركي لم يكن هو سبب الاضطراب في البلاد، وإنما التخلي عنها.

Email