الإنقاذ مستحيل خارج أيديولوجية تقدمية قوامها الوحدة السياسية والاقتصادية

فكرة إنقاذ العراق بتقسيمه وصفة لتدميره

حلف «داعش» والمعارضة العراقية قصير الأجل أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بث صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الرعب في نفوس الكثير من العراقيين. وللأسف، فإن هناك جماعات مناهضة للحكومة في العراق ترتكب الأخطاء الحمقاء نفسها التي ارتكبتها المعارضة السورية: كلاهما يعامل «داعش» وجماعات أخرى على طراز القاعدة، بشكل ساذج، كحليف من أجل إسقاط الحكومة. وظهور حكومة يقودها هذا التنظيم ستكون مأساة غير ضرورية بالنسبة لجميع العراقيين.

والزواج بين «داعش» والمعارضة العراقية سيكون قصير الأجل، فيما الطلاق مؤلماً.

والقوة الرئيسية الأخرى في السياسات التي يهيمن عليها السنة تتمثل في البعثيين السابقين، الذين يريدون العودة إلى عراق كانوا يتلقون فيه إكرامياتهم الخاصة. وبين البعثيين و«داعش»، فإن المظالم المشروعة الأوسع نطاقا للسكان السنة العراقيين لا تحظى بتمثيل في هذه المعركة.

يجادل البعض أنه إذا كان تنظيم «داعش» مرعباً إلى هذا الحد، فإن التدخل العسكري الأميركي له ما يبرره، لكن «داعش» وحش ترعرع بمساعدة وتحريض من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبصمات أوباما الدموية موجودة في جميع أنحاء تلك الجريمة التي بدأت تتكشف، ولهذا السبب لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة في أن يكون لها أي أثر إيجابي. وبالتأكيد، تضع الحكومة الأميركية الأولوية «للمصالح الأميركية» مما أدى باستمرار إلى أوضاع كارثية..

كما هو الوضع حاليا في الشرق الأوسط. والمساعدة «الإنسانية» لأوباما في سوريا هي السبب وراء الكارثة التي تصيب العراق الآن. وسيعمل أي تدخل للولايات المتحدة على تعزيز تنظيم «داعش»، حيث ان غالبية العراقيين لا يرغبون بالجنود الأميركيين في بلادهم.

ومن جهة أخرى، لا يستطيع المجتمع الشيعي في العراق إنقاذ العراق لأسباب مماثلة. كلما ازدادت مواجهة المجتمع الشيعي لـ «داعش»، زادت الذخيرة الطائفية لـ «داعش» لتجييش المجتمع السني الأوسع نطاقا، الذي لولا ذلك لنفر من أيديولوجية «داعش».

فكرة التقسيم

وهناك فكرة «لإنقاذ العراق» تحظى بمزيد من الشعبية بين السياسيين الأميركيين، ولديها الإمكانية الأكبر لتدميره.

وعلى ما يبدو، يكتسب حل التقسيم إلى دول مستقلة أو مناطق حكم ذاتي، تهيمن عليها ثلاث مناطق سنية شيعية وكردية، مزيدا من الجاذبية، وتعشق الولايات المتحدة التقسيم لأنه يوجد بلداناً ضعيفة يسهل استغلالها، ويعطي المزيد من القوة لحلفاء أميركا في المنطقة.

لكن التاريخ أظهر مرارا وتكرارا أن إعادة رسم الحدود على أسس عرقية دينية توجد عمليات تطهير عرقية دينية واسعة. ومثل هذه الخطوة تشكل مجرد البداية لصراعات أكبر سوف تفاقم عمليات التطهير العرقي، وتصعد الحرب في سوريا، وتؤذن بمزيد من أشكال مماثلة من حروب بالوكالة باتجاه المزيد من تفكيك الشرق الأوسط.

والحلول السابقة لمشكلات العراق ليست حلولا على الإطلاق، ويجب التعامل معها بقوة مضادة تقدمية فعلا.

ولمحاربة أيديولوجية الانقسام الديني العرقي الذي يدمر الشرق الأوسط، المطلوب قوة تعويضية قادرة على توحيد الأغلبية الساحقة من الناس ضد أقلية النخب الاقتصادية الدينية الساعية وراء استراتيجية «فرق تسد».

والشرق الأوسط لا يمكن إنقاذه خارج أيديولوجية جديدة قوامها الوحدة السياسية والاقتصادية، شبيهة بالمبادئ التي دفعت بالحركة الاشتراكية القومية العربية الثورية في الماضي.

سبل الإنقاذ

وحدة العراق ممكنة عندما يجري التركيز على المصالح المشتركة، مثل الكرامة التي يرغب بها كل الناس من وظيفة محترمة وتعليم وسكن ورعاية صحية وغيرها. ورؤية سياسية تضع أولوية لتلك الاحتياجات يمكنها إيجاد حركة تقدمية جديدة شبيهة بالحركات الاشتراكية القومية العربية الثورية، التي حولت الشرق الأوسط . لكن هذا يعني أن الإدارة الأميركية يجب أن لا يسمح لها بالتدخل.

Email