ليبيا تواجه حرباً أهلية واسعة النطاق

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد أن أثبتت الحكومة المنتخبة الضعيفة في طرابلس عدم قدرتها على فرض سلطتها على هذا الانتشار الواسع للميليشيات الجامحة، يبرز في البلاد معسكران.

أحدهما يمثل، بصفة عامة، الفصائل الإسلامية، من المتشددين وصولاً إلى رجال الأعمال ذوي البدلات وربطات العنق، والثاني يضم مجموعة من القوميين المناوئين للإسلاميين، إلى جانب الفيدراليين والميليشيات القبلية، بما في ذلك عناصر رديفة للجيش الوطني أثناء حقبة الرئيس الليبي السابق معمر القذافي.

وعلى رأس هذا التحالف القومي الفضفاض، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي انشق عن القذافي في الثمانينيات، وأمضى سنوات في الولايات المتحدة، حيث يقال إنه تعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وتصاعد التوتر بين الرؤى المتضاربة للمعسكرين، انفجر في قتال مفتوح في 16 مايو، عندما شنت فصائل مناوئة للإسلاميين هجوماً برياً وجوياً على قواعد الميليشيات الإسلامية في بنغازي، ما أسفر عن مقتل 70 شخصاً. وبعد ذلك بيومين، نهبت الميليشيات المتحالفة مقرات المؤتمر الوطني الذي يهيمن عليه الإسلاميون في طرابلس.

والإعلان المتسرع لتاريخ 25 يونيو كموعد انتخابات للمؤتمر الوطني العام، الذي انتهت ولايته رسمياً في فبراير، قد يوفر متنفساً. لكن مع تضاعف إعلانات التأييد للقوميين، وازدياد المخاوف لدى الإسلاميين من انقلاب عسكري، فإنه من المرجح أن تندلع حرب أهلية على نطاق واسع في المستقبل القريب.

ويقول ضابط كبير في الجيش في بنغازي، معلناً تأييده لحفتر: «الخيار واضح: إما نحن أم هم». واللواء السابق البالغ من العمر 65 عاماً يتهم الحكومة المركزية الضعيفة بالإخفاق في وقف سلسلة من الاغتيالات لضباط الجيش والشرطة في شرقي ليبيا. وتعهد أيضاً باقتلاع الفصائل الإسلامية، التي يزعم أنها تحاول اختطاف الديمقراطية المتهادية.

وأول ضربة في بنغازي ستتلقاها جماعة أنصار الشريعة. وهذه الجماعة التي تم تصنيفها منظمة إرهابية من جانب أميركا في يناير الماضي، تلقي عليها مسؤولية الهجوم على المجمع الدبلوماسي الأميركي في عام 2012.

وكان حفتر ينتظر دوره بصبر. في فبراير الماضي، اتهمه المسؤولون الليبيون بمحاولة انقلاب، وطالبوا باعتقاله بعد دعوته إلى تعليق عمل الحكومة. لكنه هرب إلى مسقط رأسه في شرقي ليبيا، حيث أمضى شهوراً يحشد تأييد الضباط الساخطين في الجيش والميليشيات القبلية والفيدراليين الذي يسعون إلى الحكم الذاتي الإقليمي.

وما كان يتشارك به هؤلاء كان الشعور بعدو مشترك متمثل في الميلشيات الإسلامية ومؤيديها السياسيين.

مصادر التأييد

وحملة حفتر التي يطلق عليها «عملية الكرامة»، تبدو متوافقة مع الميليشيات المرتبطة بالمدينة الجبلية الـــــغربية زنتان، ومع الانفصاليين المسلحين الذي فرضوا حصاراً على موانئ النفط في الشرق لمدة عام تقريباً. وضباط كبار في سلاح الجو والشرطة، إلى جانب رئيس وزراء ليبيا الســـابق علي زيدان، أعلنوا أيضاً تأييدهم للواء السابق.

وعلى الرغم مـن ظهـــورهما بمظهر المحــــايد في العلن، إلا أن الحكومتين في مصـــر والجـــزائر المجاورتين حريصتان في السر على دعمه. لكن البعض يشير إلى تاريخه المتقلب، بما في ذلك دوره في الحرب الكــــارثية للقذافي في تشاد في الثمانينيات.

وآخـــرون في بنغازي، حيث وسعت «أنصار الشريعة» وجودها من خلال العمل الخــــيري، يخشون من أن يزيد نهج حفتر الأوضاع السيئــة سوءاً. فالليبيون تجادلوا طويلاً حول ما إذا كان من الأفضل التعامل مع المتشددين من منشأ محلي بالحوار أو القوة. والآن، رجح حفتر دفة الميزان، مثــــيراً احتمال اندلاع حرب شاملة.

الوتر الحساس

 

يقول اللواء السابق في الجيش الليبي خليفة حفتر، إن المؤتمر الوطني العام خسر شرعيته منذ أن قام بتمديد ولايته. ويشدد على أنه لا يسعى للاستيلاء على السلطة، وإنما «محاربة الإرهابيين»، وهذه الرسالة ضربت على وتر حساس لدى الليبيين المستائين من غياب القانون، لا سيما في شرقي البلاد.

Email