تغير الشكل العمراني للمخيمات الفلسطينية في قطاع غزة على مدى السنوات الماضية، وشهدت معظم المخيمات طفرة عمرانية غير مسبوقة، خاصة بعد زيادة عدد سكانها، وصعوبة توفير أراضٍ أو شراء منازل جديدة نظراً لارتفاع الأسعار.

فالمخيمات التي كانت في خمسينات القرن الماضي مجرد خيام من القماش، ثم تطورت لتصبح منازل مبنية من الطين، تبعها بعد ذلك تطور ثالث أصبحت خلاله مبنية من الطوب ومسقوفة بألواح الصفيح أصبحت الآن تحوي مباني على الطراز الحديث، من الخرسانة المسلحة، وترتفع لعدة طبقات.

لأكثر من عامين حاول الفلسطيني صلاح خليل (35 عاماً) من دير البلح شراء بيت خاص له أو قطعة أرض، إلا أن محاولاته باءت بالفشل نتيجة ارتفاع أسعار الأراضي والمنازل في المدن والتي بلغ سعر الشقة فيها ما يقارب 80 ألف دولار، في حين يقوم بدفع مبلغ ما يقارب 150 دولاراً شهرياً أجرة شقة يقيم فيها برفقة زوجته وأبنائه.

ويقول خليل وهو موظف في مؤسسة أهلية: «بعد معاناة طويلة في حصولي على بيت خاص، تمكنت من شراء شقة غير مشطبة داخل برج سكني مكون من خمسة طوابق يقع داخل مخيم دير البلح بمبلغ 27 ألف دولار».

ارتفاع أسعار

وشهدت الشقق السكنية والأراضي في غزة خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في أسعارها، ما نتج عنه عدم تمكن الفلسطينيين والشباب من شراء بيوت وشقق سكنية، مما دفع رؤوس الأموال ورجال الأعمال لبناء عمارات سكنية للتأجير، وأغلب المستأجرين من الطبقة الوسطى والموظفين، وتراجع الكثير من الشباب عن فكرة الزواج نتيجة عدم توفر شقق خاصة لهم بأسعار زهيدة.

ويقول رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين أسامة كحيل إن قطاع غزة شهد طفرة عمرانية غير منتظمة، وأن هناك حاجة لعدد كبير من الوحدات السكنية، ولكن ليس لديهم القدرة على الشراء، مؤكداً على أن غياب الدور الحكومي والرقابي على المستثمرين أدى لوجود شقق ومبان بشكل عشوائي، مطالباً بضرورة وجود رقابة ومحاسبة المخالفين.

من جهته، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع، أن سبب الطفرة العمرانية هي زيادة عدد السكان نتيجة توسع الأسر الفلسطينية ورغبة في تمليك الأبناء شققاً داخل المنزل الواحد أو في عمارات سكنية تكون داخل المخيم الذي نشأ بداخله.

وأفاد الطباع أن المخيمات الفلسطينية ليس لديها القدرة على تحمل هذا التوسع الهائل في المباني، وعدم جاهزية البنية التحتية للمخيمات نظراً لضعفها، وافتقارها لصرف صحي وشوارع واسعة، حيث تتصف المخيمات بالأزقة الضيقة والبنية التحتية البسيطة.

وأكد أنه لا يوجد حل في المخيمات سوى التوسع بهذه الطريقة، على الرغم من تمتع المخيمات بخدمات خاصة، وتبعيتها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «أونروا» التي تقدم لها الخدمات، وهي بالأساس إما أراضٍ حكومية أو أراضٍ تتبع لفلسطينيين مالكين داخل المدن المنتشرة في القطاع.

وبين أن المخيمات تعاني من ازدحام سكاني، ورجح أن تعاني مستقبلياً من الخدمات لعدم توفر الخدمات اللازمة للتوسع العمراني من الأساس، كما عانى مخيم الشاطئ مسبقاً من أزمة في المياه الموردة للمخيم نتيجة التوسع العمراني والسكاني.

أما رئيس بلدية دير البلح سعيد نصار فيرى أن الظروف الاقتصادية تمنع سكان المخيمات من شراء أراضٍ ومنازل خارج المخيم، مما دفعهم للتوسع داخل البيت الواحد أو شراء شقق داخل مبانٍ سكنية داخل المخيم.

وأكد أن البلدية يقتصر دورها على التنظيم ومنع التعديات والبناء في الشارع العام، لتبعية المخيمات للأونروا بالكامل، حيث يتم التوسع في المخيمات بشكل رأسي، وعلى هذا الأساس تطبق الأونروا في الوقت الحالي مشروع تطوير المخيمات وتجهيز البنية التحتية لاستيعاب التطوير العمراني فيها وتوسيع الشوارع بمنحة مالية من مجلس التعاون الخليجي.

مشاكل مستقبلية

وتوقع نصار حدوث مشاكل مستقبلية في المخيمات الأخرى التي يجري فيها تطور عمراني، لعدم توفر بنية تحتية مناسبة من صرف صحي وشوارع وكهرباء ومياه.

وتشترط البلدية على صاحب أي عقار في المخيم عدم بناء أكثر من خمس طبقات في المنزل الواحد، لوجود شروط يفرضها الدفاع المدني بوجود سلم هروب، ولم يلتزم أي مالك شخصي لعقار خاص أو استثماري بهذا الشرط لضيق المنازل في المخيمات.