«شفشاون» .. درّة المغرب الزرقاء الساحرة

«شفشاون» .. إنّها المدينة الزرقاء الساحرة مكانها أقصى شمال المغرب متربعة على جبال الريف، أسسها مسلمو الأندلس من غادروا إسبانيا في العام 1471، وظلّت قلعة منيعة قاومت الزحف البرتغالي، واليوم «شفشاون» مدينة سياحية فاتنة تحمل جمالاً من لون السماء.

تضم «شفشاون» مجموعة من الأحياء السكنية التي تختلف في فترة البناء وتتوحد في اللونين الأزرق والأبيض، فحي الأندلس بني في العام 1492 ليأوي الفوج الثاني من المهاجرين القادمين من الأندلس، وهو مكون من منازل ذات طابقين أو ثلاث ويتوفر على مجموعة من المداخل حي السويقة ويضم بيوتاً قديمة ودروباً وسوق السويقة الصغير الذي بني في أواخر القرن الخامس عشر وبه نافورة حائطية زخرفتها بديعة، وحي العنصر بابه على السور الشمالي الغربي للمدينة ويحتوي على برج للمراقبة يشابه في بنائه أبراج غرناطة الإسبانية، وحي الصبانين في طريق منبع رأس الماء الذي يعد مصدر المياه الوحيد للمدينة، ويحوي مطاحن تقليدية للزيتون وفرن قديم وتمر بمحاذاته قنطرة على وادي لفوارة.

معالم تاريخية

وتزيّن سقف المسجد الأعظم ثريا خشبية فريدة الصنع، وبه صومعة ثمانية الأضلع، ويستأثر هذا المسجد التاريخي بمساحة كبيرة ويرجع تاريخ بنائه إلى القرن السادس عشر في عهد حكم أسرة بني راشد العلمية الإدريسية.

أما القصبة فتقع بالجزء الغربي لمدينة شفشاون، وكانت مقراً للقيادة وثكنة عسكرية للمقاومة ضد البرتغاليين، وهي محاطة بسور وتحتوي عشرة أبراج بطابع عمارة أندلسي حيث تتوسطها حديقة كبيرة بحوضين. وعرفت القصبة في عهد السلطان مولاي إسماعيل في أواخر القرن السابع عشر.

وتتوسّط ساحة وطاء الحمام مدينة شفشاون بمساحة 3000 متر ومنها يمكن الوصول إلى كل جزء من المدينة، كانت سوقاً أسبوعياً قبل أن تتحول إلى ساحة تاريخية تحوي دكاكين تبيع الهدايا من المشغولات اليدوية ومقاهي ونافورة مائية وبها يوجد المسجد الأعظم وتقام بها مهرجانات فنية محلية ودولية.

مميزات سياحية

وتعتبر «شفشاون» صغيرة المساحة مقارنة مع المدن السياحية الأخرى في المغرب، ما يكسبها الهدوء والطمأنينة، ويعتبر السفر إليها متعة لا توصف لأن الطريق إليها يكون عبر منعرجات جبلية صعبة ومعقدة، ويغدو كأنه معرض للوحات الطبيعية الحية. وتضم المدينة مجموعة من الفنادق والمطاعم والمقاهي وأسعارها منخفضة بالمقارنة مع المدن السياحية القريبة منها كتطوان وطنجة وأصيلة، كما وأن مستوى المعيشة منخفض، ويفضل الأوروبيون زيارتها في فصل الشتاء عكس المغاربة والعرب الذين يقصدونها صيفاً.

وتحتضن شفشاون مهرجانات فنية وثقافية أهمها مهرجان أليغريا، والذي يهدف لتفعيل المجتمعات المدنية وفتح الحوار بين المغرب وإسبانيا، ومهرجان فيلم الطفولة والشباب الذي يعنى بالثقافة الحية والإبداع والقيم الوطنية والإنسانية، ومهرجان ملتقى الموسيقى الأندلسية، والذي تشارك فيه فرق الموسيقى الأندلسية من طنجة وتطوان وفاس والرباط وسلا، والذي يعنى بالمحافظة على التراث الأندلسي انطلاقاً من شفشاون التي احتضنت أعداداً من الموريسكيين الأندلسيين بعد سقوط غرناطة، هذا وتنظم شفشاون مهرجانات أخرى كمهرجان ربيع شفشاون ومهرجان التصوير الفوتوغرافي ومهرجان الشعر وغيرها من التظاهرات.

وكل ما تزخر به شفشاون جعل منها مدينة منفتحة ومشعة ونقطة التقاء وتمازج بين جمال الطبيعة والفكر والتاريخ والفن، ليبقى عبقها في نفوس زوارها، ولتظل وردة خالدة لا تذبل في عيون من أحبها وتغنى بها مردداً أغنيتها «يا شفشاون يا نوارة يا لحبيبة يا لمنارة».

الأكثر مشاركة