الأزياء التقليدية.. هوية وطنية تقاوم العـــــــولمة - (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأزياء التقليدية كونها موروثاً وتراثاً وعادات تختلف في تفاصليها وألوانها وطريقة حياكتها وأسلوب لباسها من دولة إلى أخرى، ومن شعب إلى آخر، ومسألة التمسك بها عبر الأجيال المختلفة، تتحكم فيها الثقافة العامة، ومسيرة تطور المجتمع، وتحديات العصرنة والتجديد، ومجابهة مسارات زمن العولمة.

فالتراث الشعبي يشكل وجدان أي أمة، ويقوي ذاكرة الناس الجمعية، وكل ما يتعلق بالهوية الوطنية، خاصة إذا كان الموروث كينونة حية في نفوس وعقول الناس، ويمدها بالقدرات والطاقات الخلاقة والمبدعة، التي تسهم في البناء والتنمية. وبما أن التراث هو التاريخ الذي يعيش فينا ونعيش فيه، وما وصل إلينا ممن سبقونا، أياً كان ذلك مادياً أو نظرياً أو حتى سيكولوجياً وروحياً.

شعوب عديدة ودول كثيرة في العالم أجمع لا تزال تتمسك بتراثها وموروثها وعاداتها، خاصة في المأكل والملبس والفنون الشعبية وكل ما يرتبط بالأرض، إلا أن الأزياء المتعلقة باللباس تتخذ منحى آخر، من حيث الشكل واللون وعناصر التكوين وأسلوب الحياكة والتفاصيل الدقيقة، وذلك ما لمسناه ونستعرضه ،خلال استعراضنا لنماذج عدة من أقطار شتى.

تطعيم الحداثة بالموروث في العراق

 

 لا يرى العراقيون وجود تضاد بين الأزياء الشعبية التقليدية، والأزياء الحديثة، ويستدلون على ذلك بأن دور الأزياء العراقية، عندما كانت منتشرة قبل الاحتلال..

وأهمها الدار الوطنية، دأبت على مزج آخر الموديلات العالمية بالموروث المحلي، والذهاب إلى أبعد من ذلك، بتطعيم الحداثة بالتاريخ القديم، والموغل في القدم، كاستخدام الرسوم والنقوش البابلية والسومرية والآشورية، وغيرها، في الملابس والاكسسوار، وحتى في أدوات الزينة.

إلا أن ذلك لا يعني التمسك بالقديم، بل الاستفادة من جمالياته، في إطار مواكبة الحضارة التي دخلت كل بيت، وكل مرفق بالحياة، دون فرضها، والإقرار بأهمية التراث، والأزياء التقليدية والحديثة، وليس المستحدثة من باب الغرابة.

ولا يوجد في العراق أي تمييز بين الانتماءات القومية عبر الملابس والاكسسوار إلا فيما ندر، فهي واحدة في الاستخدام العام وتختلف فقط بالمناسبات والأعياد القومية، حيث يأتي ارتداء الأزياء التراثية كتعبير احتفالي. وهناك تباين بالقرى والمناطق الريفية، فكبار السن ملتزمون بالزي الشعبي، فيما ينأى الشباب عنه، وهناك تفهم وتعايش بين الاتجاهين.

قمع الحريات

ويعتبر رئيس منظمة حقوق الإنسان في العراق، حسن شعبان، محاولات تحديد نوعية الملابس، أو المظهر الشخصي الخارجي، ليست اتجاهات فردية، وإنما تقف خلفها جهات قوية..

وذات نفوذ في الدولة، إلى درجة منع المرأة الموظفة من وضع المكياج في بعض الدوائر الحكومية، أو منعها من ارتداء البنطلون، حتى وإن كانت تضع الحجاب على رأسها، أو إلزامها بارتداء حجاب »الشاودر«، وهو غير عراقي، وأحياناً »الزي الأفغاني«!

وكانت الحكومة السابقة قد اتخذت قراراً بمنع استيراد الملابس والاكسسوارات، الخادشة للذوق العام والمخالفة للتقاليد دون تحديد.

وتتساءل الوزيرة السابقة والناشطة في مجال حقوق الإنسان أزهار الشيخلي عن المعايير والضوابط المعتمدة لتحديد الملابس الخادشة وما هي المناسبة من وجهة نظر أصحاب القرار؟

والعراقيون بعد التغيير عام 2003 حتى أصحاب الدخل المحدود منهم، نعموا بالسفر، أياً كان ولو لإقليم كردستان، أو دول عربية وأجنبية وجلبوا ملابس واكسسوارات. وعليه يجب على المسؤولين وإدارات الجامعات والمدارس عدم استخدام أسلوب الفرض والإكراه القسري مع الطلبة.

وقضية الملبس تحددها التنشئة الاجتماعية، فبعض الأسر تعتبر ما يرتديه الأبناء مقبولاً فيما يعـدها البعض الآخر متحررة وهناك تفاوت في أفكار الناس. والسؤال الذي يفرض نفسه تخلصنا من أزماتنا جميعها ولم يتبق سوى التركيز على متابعة ملابس واكسسوارات المواطنين ومحال بيعها في ظل ظرف أمني متدهور؟

التقاليد والحداثة

ويرى الباحث الاجتماعي ضياء العلي، أن هناك محاولات كثيرة لشق وحدة الشعب العراقي، مرة بالطائفية والعرقية وأخرى بالعشائرية والمناطقية، وأخيراً محاولات فرض أزياء بعينها ومنع أخرى..

فيما تتمسك المجتمعات العراقية بأزيائها التقليدية في المناسبات، والملابس الاعتيادية الحديثة في الحياة العامة، في تعايش لا تشوبه شائبة، بمقابل رفض مطلق لمحاولات تحجيم الحرية، حتى في اختيار الشخص لملابسه، وهذا ما يولد التوحيد بين مرتدي الملابس التقليدية أو الحديثة، ضد ما هو مستهجن أو مقنن.

وقال إن التوجيه الصادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ولا يزال سارياً، يحمل مفردة يمكن استغلالها في تقييد الحريات العامة للمواطنين..

وتتمثل في منع الملابس المخلة والخادشة للآداب ولأنها مفردة مطاطة يمكن للجهات التنفيذية تطبيقها بشكل عشوائي وغير قانوني، استناداً للتوجيه الذي يُعد تجاوزاً صارخاً على الدستور الذي كفل للمواطن حرية ارتداء الملابس، وحمَّل الأجهزة الأمنية مسؤولية حماية تلك الحريات وصيانتها.

تجـــديـد بحــريني من دون الخــــروج عن الأصل

 

 يحرص البحرينيون من الجنسين على التمسك بالزي الوطني التقليدي باعتباره جزءاً من الثقافة والعادات والتقاليد العربية والإسلامية، خاصة ورياح العولمة وثقافة المجتمعات الغربية تهب من كل مكان..

وأبدى بعض الشباب عدم رفضهم من إمكانية التنويع بين التقليدي والحديث بحسب المناسبات والظروف التي تستدعي أحياناً التغيير، إلا أنه في نهاية المطاف لابد من العودة إلى الزي الشعبي الذي يعتبر السمة والطابع الذي يجب الالتزام به في أي مجتمع.

يقول عمر عبدالكريم الهيتي إن الزي التقليدي أصبح الآن رمزاً لكل شعب، ومرتبط بالمناسبات الاجتماعية، وبعض أماكن العمل أكثر من ارتباطه بالحياة العامة الطبيعية، إلا أن التنويع في اللباس ..

ومواكبة العصر مهم لما له من تأثير إيجابي. والمؤسف أن بعض دول الغرب باتت تنظر إلى العربي من خلال زيه الوطني على أنه إرهابي خاصة من يلبس الثوب والعقال علماً لو أنه ارتدى البدلة يعامل معاملة عادية خالية من الشك والريبة، والمفروض ألا يحكم الشكل الخارجي على جوهر الإنسان الداخلي.

فهناك فروقات سواء بإضافات على الزي أو التنويع بالألوان، ومع العولمة والتأثير الخارجي، ولرفض بعض المجتمعات التخلي عن الزي الوطني، قام بعض المصممين بتطويره ما سمح بالتجديد وعدم الخروج عن العادات والتقاليد الأصيلة.

تهديد الهوية

وأكدت الإعلامية منى علي المطوع أنه مع الانفتاح شهد الزي التقليدي في البحرين تراجعاً، رغم تمسك البعض به خاصة الشرائح المجتمعية المحافظة. وبلاشك فهناك تغييرات كبيرة طرأت عليه، فالعباءات الجديدة تختلف من ناحية التصاميم والألوان عن العباءة التقليدية السائدة قديماً، والحجاب هو الآخر شهد أيضاً تغييراً كبيراً، حيث أصبح هناك تأثر بأساليب سادت في دول أخرى.

إلا أن بعض البحرينيات لايزلن محافظات على هوية الحجاب التقليدي القديم، الذي لا يظهر الأذن والشعر والرقبة ولا يتخذ شكل الشال الملون الملفوف على الرأس.

وأوضحت أن العباءة لا تزال محافظة على وجودها سواء بين البنات المحجبات أو السافرات، بالطبع فإن هناك صراعاً قائماً بين الزي الخليجي المحافظ المستمد من الدين الإسلامي وبين خطوط الموضة والأزياء التي بدلت مفاهيم الحشمة بالتمدن والسفور.

أزياء المصريين.. تعكس كثيراً من الثقافات

 

 

 وحدهم المصريون لا يجدون في الوقت الحالي زياً يميزهم، فلا هم ارتكنوا للفراعنة ومن ورائهم الأقباط، ولا لأسلافهم إبان الفتح الإسلامي، بل صارت ثيابهم منذ نهايات القرن السابع عشر..

وتحديدًا أيام الاحتلال الفرنسي عام 1798، ومن بعده الاحتلال الانجليزي عام 1882، مرورًا بحكم أسرة محمد علي باشا »1805-1953«، لتصبح خليطاً غير متجانس من الأزياء، تداخلت فيه التصميمات الأوروبية والتركية، لتضاف للقائمة أيضًا الخليجية والباكستانية، وبات الجلباب والعباءة المحلية مرآة تعكس كل حضارات العالم، بينما بقيت تطل على استحياء في بعض البوادي والأرياف.

وحتى قبل امتزاج المصريين بمختلف الحضارات لم يكن لهم أي زي موحد للرجال أوالنساء، بل كان للتقسيم الجغرافي والبيئي حضور قوي قديماً وحديثاً.

فكل قطاع جغرافي له عاداته وتقاليده المختلفة في زيه الشعبي، فهناك البدوي بواحات المناطق الصحراوية، فالثوب السيناوي في شمال شرق البلاد ليس كواحة سيوة بأقصى الشمال الغربي، أو الخارجة والداخلة بالوادي الجديد. وقد اتسم الزي في شمال سيناء بالحشمة والوقار لكونه فضفاضًا ويغلب عليه اللون الأسود المزين بخطوط أخرى مختلفة..

والطبقات المرموقة تستعمل خامات الكتان النقي، وترتدي المتزوجة الثوب المطرز بالأحمر، بينما الأزرق خاص بكبيرات السن، والأرامل، وعندما يزيد الجزء المطرز يدل ذلك على الفرح ويسر الحال. وفي جنوب سيناء ترتدي النساء الثوب نفسه ولكن بكثافة في الزخارف التي تتشكل على هيئة وحدات نباتية، مع استعمال الألوان المبهجة مثل الأحمر والأصفر والأخضر والبرتقالي.

ملاية لف

وفي محافظات الوجه البحري تتنوع الأزياء بداية من العباءة والملاية اللف التي كانت منتشرة في الإسكندرية، وهي عبارة عن جلباب قصير ملون بألوان مبهجة ويتم لف »ملاية« سوداء عليه..

ويتم تغطية الوجه بـ»بيشة« مخرمة.. بينما في محافظات الدلتا والريف المصري مثل الشرقية والغربية والمنوفية والقليوبية ترتدي القرويات الجلباب الواسع الفضفاض المصنوع من المخمل والأقمشة ذات الخيوط الذهبية، وتميل إلى الألوان الزاهية المبهجة الفاتحة، وأحياناً يتم تطريز الأجزاء العليا من الثوب بالقصب أو الأشرطة الملونة والأزرار الصدفية أو المعدنية أو الخرز المذهب والترتر.

وكذا للمحافظات الساحلية مثل دمياط وبورسعيد أزياء تتسم بالخصوصية وتتناسب مع طبيعة عملهم المرتبطة بالبحر وصيد الأسماك، وبالطبع كل هذا لم يعد قائمًا إلا لدى قليلين..

بينما اتجهت الغالبية إلى ارتداء الأزياء العصرية، سواء الأوروبية أو الغربية للرجال والنساء، بينما فضل قطاع آخر خاصة من عملوا في دول الخليج ارتداء الثياب الخليجية، حتى الحجاب المصري فقد هويته وصار منسوخًا من ثقافات عدة سواء الخليجية أو الباكستانية وكذا الإيرانية.

مؤثرات

وتوضح مصممة الأزياء مروة البغدادي، أن لكل مكان وحقبة زمنية الملابس التي تعبر عنها، والأمر لا يقتصر على تصميمات الأزياء، وإنما قد يتأثر بالوضع السياسي والأمني والاجتماعي، فالأوضاع الأمنية والاقتصادية المستقرة تنعكس على النساء بمزيد من الحرية في اختيار أزيائهن.

والأزياء الوطنية لم تختف، والإقبال عليها أضحى من الأجانب والعرب، بينما تميل المصريات إلى التجديد من خلال اقتباس الأزياء الغربية والعربية، كمصممة أزياء لا تقف أمام رغبة زبوناتها في الحصول على تصميم غربي، إلا أنها في الوقت ذاته تعمل على تطعيمه بنكهة مستمدة من الثقافة المصرية وبما يتناغم مع صاحبة التصميم.

تطور طبيعي

في الاتجاه ذاته، ترى أستاذة تاريخ الأزياء بجامعة حلوان، دكتورة حنان محمد سعيد، أن تطور الأزياء على مر العصور أمر طبيعي، وحتى الأزياء التي نرتديها اليوم ستتطور في المستقبل، وتختلف أشكالها وتصميماتها، خاصة في المدن الكبرى التي تتغير فيها الملابس بوتيرة أسرع من الريف والمناطق الصحراوية.

والزي يظهر ظواهر اجتماعية عدة، فحتى السبعينات من القرن الماضي لم يكن الحجاب منتشراً، وكانت الملابس القصيرة الكاشفة هي الأكثر انتشارًا وسط النساء تأثرًا بالاحتلال الفرنسي والإنجليزي للبلاد، بينما بعد السبعينات بدأ انتشار الحجاب بشكل واسع، ثم الخمار، ثم النقاب، وحالياً نرى أشكالا متعددة للحجاب مقتبسة من حضارات مختلفة.

ويؤكد أستاذ الطب النفسي دكتور محمد المهدي أن الزي هو مرآة كاشفة لشخصية مرتديه، فمن يبحث عن التحرر والتجديد يسعى بطبيعة الحال إلى التغيير في ثيابه والخروج عن المألوف..

وهو ما قد يصل في بعض الأحيان إلى الهستيريا من خلال ارتداء ثياب فاضحة أو لافتة للأنظار بشكل مبالغ فيه. والبيئة والتربية تلعبان دورًا مهمًا في ثقافة الثوب، حتى بين الأكثر تدينًا، فهناك من ترتدي حجابًا ملونًا، وهناك من ترتديه باللون الأسود فقط.

الزي الوطني خيط وصل في الغربة

" ريحة البلاد" دكان صغير في أحد أزقة بارباس الشعبية الضيقة في باريس، غالبية السكان من الطبقة الفقيرة بين عرب وسود، يتحول الحي في نهاية الأسبوع أو الأعياد لتجمع عربي..

حيث تتغير ملامحه ويلبس ألوان وطقوس ثقافته باختلافها وتنوعها. والداخل والخارج إلى المحل كثيرون مع حلول فصل الربيع واقتراب موسم الأعراس، خاصة النساء، فهن يجادلن صاحبه ويساومن بالأسعار وكأنهن في سوق شعبي عربي.

أهل الحي يعرفون جيداً صاحبه عمي صالح، فهو يبيع الملابس التقليدية منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وصار رمزاً للحي، يعرفه حتى الفرنسيون وبفضله اكتشفوا الثقافة والأزياء التقليدية العربية. ويشير السبعيني صالح إلى أنه يريد أن يورث حرفته لأولاده وأحفاده الذين ولدوا في فرنسا ولا يعرفون عن المغرب بلدهم الأصلي سوى ما يسمعونه على لسانه..

 ويقول: »اللباس التقليدي صار جزءاً مني، بدأت تجارته في الثمانينات وكنت متخوفاً من نظرة الفرنسيين وكأنني غاز يريد فرض ثقافته عليهم، وبمرور الوقت صار اللباس همزة وصل بيننا، وبواسطته هويتنا العربية من خلاله«.

ويبدي صالح تخوفه من تخلي الأجيال القادمة عن لباس الأجداد بسبب حياتها اليومية السريعة، فالكثير منهم يواكب الموضة التي تتماشى مع سرعة العصر، وهم لم ينشؤوا وسط بيئة أسرية تذكرهم كل بعاداتهم وتقاليدهم.

رئيس جمعية »رحلات ثقافية« الفرنسية حكيمة خضري والتي تعنى بالتقارب بين الثقافات والتعريف بالعربية باختلافها للجمهور الفرنسي، من خلال حضورها على الساحة الثقافية في باريس..

حيث تنظم منذ سنوات لقاءات دورية يحضرها وزراء فرنسيون وسفراء ودبلوماسيون، وتنظم أيام ثقافية وفنية وأدبية وتقول إنها فرصة لإتاحة الفرصة لعرض اللباس التقليدي باعتباره جوهر تلك الرحلات الثقافية، التي تطير بنا من فرنسا إلى الجزائر فنغوص خلال ساعات في تقاليد وحضارة بلد يسكن في الضفة الأخرى من المتوسط يفوح بعبق ثقافتنا الأصيلة رغم رياح العصرنة.

فاللباس موروث مادي للبشرية، تتوارثه الأجيال وتحاول أن تحافظ عليه في مواجهة العولمة، وهو جزء من تاريخ وهوية وثقافة البلد، وحضوره في المناسبات والتظاهرات بات إجبارياً، خاصة وأنني في كل مرة يحضر فيها اللباس الجزائري يطل تاريخه ومراحله والصيغة المعدلة التي عليها اليوم إذ تتماشى مع المرأة العصرية كثيرة الحركة والتنقل.

المثقفة والناشطة في المجال الإنساني نادية شويخي منحتها دائرة باريس 15 الكثير من الأوسمة. وتحرص في عملها على جعل الشخصيات العربية التي لها وزنها ومكانتها على الساحة الفرنسية في خدمة أفراد الجالية العربية الذين لا صوت لهم ويعيشون في الخفاء إلا أنهم يتميزون بالموهبة الفطرية في الفن.

وتكون دائماً ملتزمة بارتداء لباسها التلمساني في كل مناسبة رسمية تشارك فيها لأنها وفق قولها »اللباس التقليدي جزء لا يتجزأ من التراث، الذي يعتبر من المقومات اللازمة لتشييد أي حضارة، فهو يعكس شخصية الفرد وانتمائه، ومن الخطأ أن يعتقد المغترب في بلاد الغرب أن مسايرة التطور وركوب موجة العولمة، تفرض عليه التخلي عن ثقافته ولباسه، فالثقافات تتكامل ولا تتنافس وتتبادل ولا تتجاهل«.

عزيزة الرفاعي، هي الأخرى وجه من وجوه التقليد في باريس، وتعمل بمجال الأزياء منذ عشر سنوات، ورثت موهبتها من جدتها التي كانت تخيط الألبسة التقليدية لتصبح سيدة القفطان وسفيرة اللباس التقليدي المغربي في فرنسا، ولتشارك بمعارض وصالونات عدة نالت عبرها العديد من الجوائز.

وتعلمت الرفاعي الحرفة في بلدها المغرب بالدراسة في معاهد متخصصة »مدرسة الموضة« وباحتكاكها المتواصل مع حرفيين ومهنيين ذوي خبرة توارثوا الصنعة أباً عن جد، وتقول »اللباس جزء من هوية وشخصية أي بلد، وقد توارثناه عن أجدادنا ونحاول أن نتركه لأولادنا، ونحن نعيش في مجتمع غربي تتعايش فيه ثقافات وتقاليد كثيرة، وإذا لم نحافظ على لغتنا وتقاليدنا ولباسنا التقليدي فيه، فشخصياتنا سوف تضمحل.

ويعد القفطان فخراً لكل سيدة مغربية أياً كان مستواها الاجتماعي، بل ورمزاً من رموز ثقافتنا الشعبية وهويتنا الوطنية، ورغم التغييرات التي طرأت عليه عبر السنوات إلا أنه يبقى رمزاً للأصالة والتراث«.

Email