البطالة.. فرص موصدة الأبواب والإحباط يغتال أحـــــلام الشباب(2)

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبرمعدلات البطالة عربياً هي الأعلى والأسوأ في العالم، بل إنها في طريقها لتشكل خطرا كبيرا حيث بلغت 14بالمائة "17 مليون عاطل" من قوة العمل، والشباب بينهم 25 في المائة. والغريب ووفقا لتقرير أعدته منظمة العمل العربية , فهناك مايزيد على 12 مليون عامل أجنبي يعملون في دولنا. ويلعب تدني المستوى التعليمي للعاطلين مع ضعف الخبرة المهنية وغياب التدريب لسوق العمل، وغياب التخطيط وارتفاع نسبة الإناث العاطلات، وعدم المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل مع نقص الخدمات الداعمة للتوظيف.

وعليه فإن معدلات البطالة بين الأميين الأدنى في معظم الدول، بينما ترتفع في التعليم المتوسط والثانوي والجامعي، الجزائر، ويعتبر غير المتعلمين أكثر حظاً عن غيرهم في العمل. وللأسف فإن نسبة البطالة بين الشباب في بعض الدول العربية تزيد على 60 في المائة بما يشير إلى أن سياسة التعليم عربيا غير سليمة، وسوق العمل هو الآخر يعاني خللا في العرض والطلب، ويتمثل في وجود تباين في توزيع قوة العمل جغرافياً, وعدم التوازن بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياجات السوق وعجز الاقتصاد عن توفير فرص عمل ما ضاعف حجم البطالة عربيا.

وتشير التقارير إلى أن نسبة البطالة بالدول العربية وصلت إلى أكثر من 15بالمائة، وعدد العاطلين سوف يتجاوز 80 مليون شخص بحلول العام المقبل، ويقدر تقرير آخر نسبة البطالة عربيا بين 15 و20 في المائة. وهناك تباين في معدلات البطالة العربية بالقارة الآسيوية ، مقارنة بالموجودة في أفريقيا، فالأخيرة بلغت فيها 16.1% ، مقابل 13.8% في الدول العربية الآسيوية.

كما أظهرت المعدلات تبايناً ملحوظاً بين الدول العربية، ففي دولة الكويت بلغت 1.7% و50% في جيبوتي. ونسبة البطالة في سلطنة عمان7.5% . لترتفع معدلاتها في بعض الدول العربية مثل تونس 14.2% ومصر 10.7% وليبيا الى 10% والدول الثلاث من أفريقيا ، بينما العراق الذي يأتي ضمن دول آسيا وصلت فيه إلى 29 %.

والخلاصة إن فرص العمل موصدة الأبواب واليأس والاحباط يغتالان أحلام الشباب خاصة في وطننا العربي وبعض الحكومات ليست لديها حلول آنية ولاخطط مستقبلية لمعالجة المشكلة. فلسطين.. غياب الحلول المقْنعة

يشكل الشباب في الوطن العربي الطاقة البشرية والحيوية القادرة على القيام بالعمليات النهضوية والتنموية الشاملة لبناء المجتمع الا أن نسبة كبيرة منهم يعانون من البطالة وغياب فرص العمل التي تلبي طموحاتهم التي يسعون الى تحقيقها، ويرتبط مفهوم البطالة بوصف حالة المتعطلين عن العمل وهم قادرون عليه ويبحثون عنه، إلا أنهم لا يجدونه.

ويعتبر مفهوم البطالة من المفاهيم التي أخذت أهمية كبرى في المجتمعات المعاصرة من البحث والتحليل، لذا استحوذ موضوعها بشكل رئيسي على عناية أصحاب القرارات السياسية، وكذلك على اهتمام الباحثين الاجتماعيين والاقتصاديين، بوصفه موضوعاً يفرض نفسه بشكل دائم وملح على الساحة الدولية، لهذا لا تكاد تصدر دورية علمية متخصصة ذات علاقة بعلم الاقتصاد والاجتماع والجريمة إلا وتتعرض لهذا الأمر الشائك والمتشعب .

وحالة البطالة عند الشباب كما يقول مختصون تؤدي إلى الكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية، فمثلاً يتسم كثير منهم بعدم السعادة والرضا ويشعر بالعجز وعدم الكفاءة ، ما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية لديه ، كما يتعرض لضغوط نفسية أكثر من غيره بسبب معاناته من الضائقة المالية التي تنتج عن حصوله على عمل يقتات منه .

سلوكيات مرفوضة

وترى نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتورة سهام ثابت ان الانسان عندما يكون يعيش في فراغ وليس قادرا على استغلاله بطرق ايجابية وبشيء مفيد لشعبه فمن الممكن أن يجنح بتفكيره الى اعمال وسلوكيات وافعال تكون غير مقبولة لا اجتماعيا ولا وطنيا.ونحن في فلسطين نعاني من البطالة سواء لدى خريجي الجامعات أو غيرهم من باقي فئات المجتمع كالنساء والرجال، وذلك لوجود عدد كبير من الطلاب الحاصلين على شهادات جامعية في مواضيع أكاديمية فرص العمل فيها قليلة ومحدودة.

والحكومة مطالبة بوضع آليات لتقليص البطالة بتوجيه الطلبة وتوعيتهم لطبيعة التخصصات المطلوبة التي تواكب احتياجات السوق ، مع توجيه الطلبة الى الدراسات المهنية وليس التعليم الاكاديمي فقط، والتوجه بعد التخرج للعمل في المشاريع الحرة والصغيرة وعدم حصرها في الوظائف الحكومية .وقد أثرغياب المجلس التشريعي بشكل كبير في مسألة بطالة الشباب وعدم ايجاد الحلول ,كإقرار او تعديل قوانين تخدمهم وتحد من النسبة المرتفعة في صفوفهم، والرقابة على ما تقدمه الحكومة لهم .

تبادل أدوار

وبكل تأكيد هناك علاقة بين البطالة والجريمة، فكلما زادت نسبتها ارتفعت الأخرى، وأنها تضعف قيمة الفرد كمورد اقتصادي وتعمل على إهدار الطاقات البشرية، وأبشع أنواعها وأكثرها حدة هي البطالة التي تعتبر السبب الرئيسي في تدني الإنتاجية ، وتستنزف قسماً كبيراً من الموارد المالية دون انتاج حيث تحول العمل إلى وسيلة سهلة للأجور، ما يساعد بشكل خطير على تراكم الموظفين بالدوائر العامة والحكومية.

وقال رئيس الهيئة الاسلامية العليا في القدس الدكتور عكرمة صبري ,على الدولة ان تدرس حاجات المجتمع من الاختصاصات الجامعية الاكاديمية والمهنية المطلوبة فالتوازن مطلوب لتلبية الاحتياجات، مع ضرورة ايجاد فرص عمل عبر خطة تنموية اقتصادية شاملة، فلا يجوز ان تكون الدولة استهلاكية وعليها الاهتمام بالانتاج بما يوفر فرص عمل أمام الشباب .

ويجب انجاز استراتيجية اقتصادية لتشغيل الأيدي العاملة بفتح مصانع صغيرة و توجيه النفقات للانتاج وليس الاستهلاك.

والفراغ مفسدة للشباب ويؤدي الى الانحراف والعنف والصدام والصراع مع الآخرين ويقود الى الدخول في عالم الجريمة, وتوفير فرص العمل للشباب بما يخلق لهم الاستقرارفي حياتهم ويسهم في بناء مجتمعهم .

تضرر الأسرة

والقائم بأعمال رئيس قسم الارشاد والاصلاح الاسرى في محكمة طولكرم الشرعية شمال الضفة الغربية سهام نور ،وهي أم لأربعة أبناء أحدهم يدرس الهندسة في جامعة بيرزيت, تقول البطالة تنعكس سلبا على الاسرة ووضعها ,وليس على الشاب وحده ما يؤدي لمشاكل أسرية كثيرة تخلق جواً من التعب والمشاحنات بين الشباب وتؤثر بشكل سلبي على صحتهم النفسية،لذلك يجب التوعية الصحيحة للشباب وتوجيهه نحو نوعية التعليم المطلوبة بما يوفر فرصة عمل بسهولة.

والخريجون مطالبون بالعمل في القطاع الخاص والمشاريع المختلفة التي قد تؤمن لهم دخلا واستقرارا، لأن الوظيفة الحكومية لا يحصل عليها الجميع، والابداع يكون متوفرا بشكل أكبر في العمل الخاص أكثر منه في الحكومي.

وعلى المستثمرين ورجال الاعمال الفلسطينيين المغتربين اقامة مشاريع انتاجية داخلية للمساهمة في الحد من البطالة المتزايدة في صفوف الشباب والنساء على حد سواء،ودعم بناء الوطن ومؤسساته. دعوة للاستثمار

 

الشاب موسى حسين خريج جامعي من جامعة بيرزيت منذ عام 2007 وحمل شهادة في التاريخ والجغرافيا، لا يزال يبحث عن فرصة عمل تؤمن له دخلا يمكنه من بناء حياته وتوفير مصروفه اليومي.

وتقدم منذ تخرجه لامتحان الوظائف التعليمية في المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم سنويا، حتى أصابه ملل الانتظار والوعود .

ويقضي مع زملائه معظم الوقت في المقاهي هروبا من واقعه المحبط لتبدد آماله في ايجاد فرصة عمل حكومية أو خاصة.

وينطبق الحال على زميله عمر فلاح الذي تخرج هو الآخر من جامعة القدس قبل أربعة أعوام وحصل على شهادة في اللغة العربية ولم يوظف لكنه اضطر للعمل في مصنع للباطون الجاهز.

الجزائر.. خريجون من الهجرة السرية الى حرق الذات

علق الشباب الذين طحنتهم البطالة ودفعت بهم إلى الفرار في قوارب الموت نحو الشواطئ الجنوبية لأوروبا، آمالا كبيرة على الوعود التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عندما تقدم لولاية رئاسية ثالثة منتصف عام 2009، عندما التزم بإيجاد مليوني وظيفة حتى عام 2014. لكن عجز الحكومة وفشلها في إطلاق المشروعات ، أبطل مفعول حماسة آلاف الشباب ودفع بعضهم بالاستسلام لليأس، فيما أختار البعض الآخر صب البنزين على جسده ليحترق حتى يسمع أنينه من به صمم. وذلك بسبب البطالة وتماشيا مع موضة الموت حرقا للاحتجاج على الأوضاع ، وآخر حادثة أدت لوفاة شاب من ولاية جيجل شرق الجزائر، لمنعه بواسطة الشرطة من بيع بعض العطور والسجائر على قارعة الطريق دون ترخيص من السلطات البلدية.

وبلغة الأرقام، يمثل الشباب بين 16 و34 سنة 38.9 بالمئة من إجمالي عدد السكان ، أو ما يعادل 14.8 مليون نسمة نهاية 2011، فيما يبلغ عدد الخريجين من المعاهد والجامعات 320 ألفا في المتوسط سنويا، وتقول الحكومة إنها نجحت في خفض البطالة إلى 10 % العام الماضي.

ويكشف الخبير الاقتصادي البروفيسور عبد الرحمن مبتول، أن الحقائق في الشارع والبيوت، تناقض الأرقام الرسمية للحكومة، فنسبة 70بالمئة من الشباب أقل من 30 سنة يعانون من البطالة، وظاهرة الهروب عبر قوارب الموت نحو الشواطئ الأوروبية عوضت في السنوات الأخيرة ما كان يعرف بظاهرة " الحيطيست" جلوس المتعطلين إلى الجدران .

وأخطر ما يهدد الشباب غياب الرؤية الواضحة اقتصاديا فيما يتعلق بكيفية خلق وظائف حقيقية، سواء للخريجين أوآلاف الشباب فاقدي التأهيل العلمي أو المهني.

وتقول المتخصصة في الاتصال والعلاقات العامة آسيا شوماني، إن رغبة الشباب في الوظيفة الحكومية يعود بالدرجة الأساسية إلى كونها أكثر استقرارا، كما تمنح الموظف الإحساس بالأمان مقارنة مع القطاعات غير الحكومية، غير أن انحصار قدرات الاستيعاب في القطاع الحكومي ,جراء انسحاب الدولة من القطاعات الاقتصادية والخدمية، دفع شباب الخريجين إلى قبول أية فرصة للعمل. وتؤكد إنها لن تدخر جهدا للالتحاق بالقطاع الحكومي في حال أتيحت لها فرصة.

 

 

 

الأردن .. مشروع »مش عيب« لإقناع المتعطلين باقتحام سوق العمل

 

"مش عيب" مشروع تثقيفي موجه للشباب الأردني بدأت فكرته على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وتطور لاحقاً في الميدان ليطوف مؤسسات في العاصمة في محاولة لإقناع المتعطلين عن العمل انهم يمتلكون فرصا جيدة لدخول سوق العمل. المشروع يتبنى فكرة ان العمل مهما كان مدخوله متواضعا يصبح مهما. وليس عيبا ان يعمل حامل الشهادة العليا في اي وظيفة الى ان يجد عملا يطمئنه لتلبية تخصصه، أو رغبته المستقبلية.

والبطالة في الاردن سببها ليس "ثقافة العيب" وحدها. وإلياس اسماعيل الحاصل على شهادة الاحصاء من احدى الجامعات الاردنية ولم يجلس في البيت منتظرا، عمل من خلف المكاتب ففتح مطعما شعبيا يدر عليه دخلا معقولا يمنعه من طلب المال من ذويه. وعلى الرغم من انه ليس مقتنعا بما يفعله، لكنه كما يقول لا يملك الخيارات حتى يقبل او يرفض، بل سيعمل حتى يعثر على وظيفة مناسبة. والقصة لا يمكن تعميمها على شباب الاردن.

رغم وجود مئات بل آلاف من القصص لشباب لم يعثروا على ما يريدونه في عملهم، لكنهم رفضوا في المقابل الجلوس في البيت. فالشاب (قيس ع) خريج قسم التمريض بالجامعة الأردنية. يقول: فور تخرجه خطب الفتاة التي يريدها، وتزوجها بعد أشهر، رغم انه لم يعمل في مهنة التمريض، بل وجد عملا في احد مصانع "الشيبس"، ولأنه يمتلك أساليب تمكنه من التفوق، استطاع في عامين ان يصبح مسؤولا كبيرا في المصنع.

واليوم لا يفكر في البحث عن وظيفة في احد المستشفيات كممرض. وعن ذلك يقول انه يخشى أن يكون قد نسي تخصصه. وكان قد تلقى بعد أقل من عامين عرضا بوظيفة مؤقتة في احد المستشفيات لكنه رفضها، رغم انها قد تفتح المجال امامه نحو الدائمة. وفي مقابل قيس والياس هناك المئات وأكثر من المتعطلين الذين يطوفون الشوارع والمقاهي والأزقة لا شغل لهم سوى اضاعة الوقت في انتظار عطف الدولة عليهم بوظيفة.

تحولات جوهرية

شهد سوق العمل في الأردن خلال العقود الماضية تحولات مهمة في الأنماط الاقتصادية السائدة، بانتقاله من النمط الاقتصادي الرعوي الزراعي إلى نمط المدينة.

مع تطبيق برنامج التصحيح الاقتصادي مع نهاية عقد الثمانينات وبداية التسعينات بانكماش قدرة القطاع العام على التوظيف. يقول الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم سيف ان ازدياد نسب البطالة مرتبط بنتائج الاصلاح الاقتصادي الذي وعد بالكثير، ولم يعالج الا القليل من التحديات. ومع تنفيذ المراحل المختلفة منه لم تكن هناك وقفات جادة للمراجعة. وظل الخطاب الرسمي طوال سنوات يركز على الانجازات على المستوى الكلي، دون التطرق الى أحوال الناس المعيشية بشكل مباشر، فظلت البطالة مرتفعة، وانتشر الفقر، وتراجع مستوى الأجور الحقيقية.

وأدى النمو السكاني المرتفع إلى ارتفاعات مذهلة في حجم قوة العمل الأردني. وبحسب الارقام شبه الرسمية فقد فاقت نسب قوة العمل الأردني 350 بالمئة في العام الحالي، عما كان عليه عام 1972م، ما يعني ان السوق لم يعد يوفر خيارات واسعة للباحثين عن فرص.

ليست مزحة

قصة المتعطلين عن العمل في الاردن ليست مزحة، ففي محافظة الطفيلة خرج نحو 200 شاب عاطل أو متعطل عن العمل، يطالبون الدولة بتوظيفهم في القطاع العام. واعتصموا أمام المؤسسات الرسمية، فتدخل جهاز الامن وتعامل معهم بقسوة. فظهر أحرار الطفيلة.

رئيسة تحرير صحيفة الغد الأردنية جمانة غنيمات لاحظت ذلك مبكرا، فكتبت "التراخي في علاج مشكلة البطالة يعكس ضعف الفهم لأثرها السياسي والاجتماعي، عدا عن تأثيرها الاقتصادي، خصوصا أن ارتفاع معدلات البطالة المتزاية بين الشباب تحديدا، يعني وجود شباب عاطل وغير منتج، وأخفقت جميع الإدارات الرسمية في استغلال قواه الإنتاجية. وتزداد الأهمية النسبية للمشكلة لارتباطها النفسي والاجتماعي والأمني والسياسي، حيث يصبح الشعور المسيطر على الشباب الافتقاد لتقدير الذات، والفشل، والدونية، وهذا الشعور يولد إحساسا بالسخط يدفعهم لرفض الواقع الذي أوصلهم إلى هذا الحال الرديء.

يقول مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض: هناك خلل كبير في سياسات التشغيل المتبعة في الأردن منذ عقود. ودفع معظم الشباب الى البحث عن حلول فردية، لكن الكثير منهم وخاصة من لا تخدمهم مناطقهم الفقيرة والنائية اصلا لا يجدون امكانية حتى لهذه الحلول الفردية. ورغم ارتفاع فرص العمل خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة أعلى من أعداد خريجي المعاهد المهنية والفنية والجامعات، إلا ان معدلات البطالة للفترة نفسها كانت تحلق عاليا وبمعدلات تتراوح بين 13و14 بالمئة سنويا. ويرفض معظم الشباب في الاردن العمل في مهن يقولون انها لا تكاد تكفيهم مواصلات وطعاماً. وغالبية العاملين بأجر في الأردن لا يحصلون على أجور لائقة، العراق.. بطالة إلزامية بعد زمن التوظيف الإلزامي

يشكك المتابعون للشأن العراقي بكل الأرقام والنسب المئوية عن ظاهرة البطالة المحلية، فالواقع الاقتصادي، يشير إلى "بطالة مقنعة" تفوق كل التصورات، فالبلاد تعتمدعلى 95% من موازنتها على القطاع النفطي، الذي يستوعب اقل من 5% من القوى العاملة، بينما يتوزع بقية الإنتاج المحلي، وهو 5% فقط، على الـ 95% من العاملين أو القادرين على العمل، ما يعني أن المعادلة معكوسة تماما، بين الإنتاج والعمل، وتعطي مؤشرا خطيرا إلى بوجود بطالة مقنعة في مؤسسات الدولة كلها، إضافة إلى إيقاف وتوقف الإنتاج المحلي، منذ الاحتلال حتى الآن.

ويسخر معظم العاملين في دوائر الدولة من إعمالهم، التي غالبا ما تقتصر على شرب الشاي، والدردشة، وتصريف بعض المعاملات البسيطة، "التي تحتاج إلى توقيع عشرة مدراء!"، أو ثم استلام الراتب نهاية الشهر.

وبالطبع، لا يمكن استيعاب كل العاطلين، فالوظائف تمنح مقابل الرشى، والبطالة تستفحل كل عام. ولفتت الانتباه تظاهرة صغيرة لمجموعة من طلبة جامعة بابل، وعليه فيندر وجود بيت دون عاطلين من حملة الشهادات العليا، والوظائف للانتماءات الحزبية والطائفية، والرشى المقدمة للمسؤولين بهدف التعيين. ويقول أحد أولياء الأمور إن ولده طرق كل الأبواب للبحث عن وظيفة، ، ووصل إلى مسؤول كبير ، فسأله عن شهادته، فأجابه "بكالوريوس إدارة واقتصاد"، فقال بدهشة: "لديك شهادتان ولا تزال دون تعيين !!؟"، والمسؤول لا يعرف أنها كلية واحدة وشهادتها واحدة ، فأدرك الابن انه طرق الباب الخطأ، فغادر العراق للبحث عن عمل في الخارج.

ويعترف بعض المسؤولين بهول المصاب الذي ألمّ بالعراقيين في عهد الاحتلال، فيقول القيادي في حزب الدعوة الحاكم جابر الجابري إن ظاهرة هجرة العقول العراقية،جزء من ظاهرة عامة أصابت كل الشعب ، وتحولت إلى قضية حظيت باهتمام بالغ من الأمم المتحدة، فعندما يبلغ عدد المهاجرين أكثر من ثلاثة ملايين، فتلك كارثة حقيقية، خاصة وان المثقفين والعلماء هم أكثر المستهدفين لإفراغ البلد من كفاءاتها . وقد أدى العنف الذي ضرب البلاد مع الاحتلال لاغتيال الآلاف من المفكرين والعلماء والأساتذة الجامعيين والأدباء والصحفيين والضباط،ورغم ذلك لا توجد حتى الآن إشارة إلى القبض على الفاعلين، أوتحديد الجهات التي تستهدف تلك العقول .

أدى تنفيذ الجهات الحكومية مايسمى بـ"الخصخصة"، وكذلك مطالب البنك الدولي بإلغاء دور الدولة في الاقتصاد، لإيقاف أكثر من 90 بالمئة من مشاريع القطاعين العام والخاص، وتسريح مئات الآلاف من الموظفين والعمال، إلى جانب وقف التعيينات في الدوائر الحكومية، أو خفضها إلى أدنى الحدود، التي تسمح باستيعاب أقارب المسؤولين أو المنتمين إلى أحزابهم، ما جعل الأعداد الكبرى من خريجي الجامعات والمعاهد منذ سنة 2003، وحتى الآن في أحضان البطالة داخليا أو الهجرة خارجيا لسعداء الحظ.

ويقول الأكاديمي عبد الغفور عبد الرحيم إن العراق كان يعاني من بطالة مقنعة في فترة النظام السابق، وترهلا في مؤسسات الدولة، إلا أن ذلك لم يوقف تعيين الخريجين أو ذوي الكفاءات، فذلك حقهم عليها .وفي فترة ما قبل الحصار كان التعيين إلزاميا على المواطن، ومن يرفض أو يقدم استقالة من وظيفته يحاسب على ذلك، إلا إذا قدّم أعذارا مقنعة، أما الآن فقد انقلبت الأمور، وأصبحت البطالة إلزامية. والحكومة الآن لا توفر الكهرباء ولا الحصص التموينية ولا الماء الصالح للشرب ولا الخدمات الصحية، لذا عليها أن تقوم بإعطاء المواطن حقه من الإيرادات، وان لا تتذرع بتقديمها الخدمات.

ويقول خريج معهد الإدارة حيدر حسين، الحكومة غير مبالية أبدا بالخريجين، وههدفها توفير رواتب المسؤولين والنواب، والمواطن ليس في صلب اهتماماتها. وتخفيض الموازنة وترشيد الحكومة للتعيينات، كان يجب أن يصاحبه تخفيض مؤثر في رواتب أصحاب المناصب العليا، دون التضحية بالمواطن وحده، فهو أيضا صاحب حق ،مستحقاته، وإذا لم توفر الحكومة الوظائف والخدمات، فعليها أن تفي بالتزاماتها تجاه المواطن , وتعطيه حقوقه كاملة، أو تقول له انك غير مرغوب فيك حتى يلتحق من يستطيع , بركب المهاجرين.

الكويت.. صندوق لدعم العاطلين وتدريب للراغبين في العمل

تعد قضية البطالة من القضايا الحساسة، لما لها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية بالغة على المجتمع، وباتت تمثل إحدى المشكلات الأساسية التي تواجه معظم دول العالم، ولم تعد مشكلة مقتصرة على دول العالم الثالث، بل أصبحت تحدياً جدياً حتى للدول المتقدمة، خاصة في ظل وجود أعداد كبيرة من الخريجين والمتعلمين بين العاطلين عن العمل.

ونتيجة لتلك الهواجس فقد عمدت دول الخليج العربي ومنها الكويت على إنشاء سياسات إحلال أو ما يسمى بـ "تكويت" الوظائف بدءاً من الحكومية، وانتهاء بالخاصة، وذلك بإلزام الشركات الخاصة بتوظيف نسب محددة من العمالة الوطنية لديها، كأحد شروط تراخيص عملها، واعتماد سياسات تعيين العناصر الوطنية كشرط أساس في الشركات التي تساهم الدولة فيها بنسب كبيرة تصل الى أكثر من 80%، ودعم العاملين بالقطاع الخاص بمزايا مالية لتشجيع التوجه نحو العمل في القطاع الأهلي في مسعى منها إلى تقليل الضغط على الجهات الحكومية، واستثمار الكوادر المتعلمة في تنشيط حركة الاقتصاد والقضاء على ظاهرة البطالة.

ولم تكتف بتشجيع العمل في القطاع الخاص، بل أنشأت صندوقاً خاصاً بالعاطلين يصرف مساعدات مالية لحين حصولهم على وظيفة. وبحسب إحصائية ديوان الخدمة المدنية فإن نسبة البطالة بين الكويتيين انحسرت عن الأعوام السابقة، حيث لم تعد تتجاوز 5.4 في المئة وهي تستفيد من بدل البطالة، وهناك بطالة تسمى "الاختيارية" ناتجة عن رغبة أصحابها في العمل بوظائف معينة وأماكن محددة.

الأمين العام المساعد لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي فوزي المجدلي يشير إلى أن مئات الطلبة يلتحقون سنوياً بدورات تدريب صيفية بهدف توسيع الوعي بأهمية العمل في القطاع الخاص لحيويته في دعم مشاريع الدولة، وهناك برنامج القوى العاملة الذي يتضمن عدداً من المشاريع التي تستهدف دعم العمالة الوطنية، كمشروع التأمين ضد التعطل بالاشتراك مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولدى مجلس الوزراء مشروع قرار بشأن تحديد نسب العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية، وتعديل قانون دعم العمالة الوطنية.

وترتفع نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص باستمرار نتيجة زيادة الوعي لدى الباحثين عن عمل، خاصة من فئة الشباب حديثي التخرج. والتوجه يعد مؤشراً جيداً للقضاء على البطالة بشكل كامل، ويساعد على تخفيف أعباء الدولة في استيعاب مخرجات الجامعات والكليات والمعاهد الدراسية المختلفة، ونتيجة فرض الحكومة شروطها على القطاع الخاص أصبح الباحثون عن عمل يتجهون نحو الشركات والمؤسسات للعمل فيها فخفف ذلك كثيراً من نسبة البطالة.

والنائب في مجلس الأمة علي الدقباسي، والذي سبق له أن قدّم عشر توصيات لحل قضية البطالة، يؤكد أن الحل ليس مستحيلاً في ظل ما نعيشه من طفرة اقتصادية، والحكومة يناط بها لعب دور مهم في إيجاد فرص عمل خاصة للذين تم تأهيلهم عبر دورات حكومية أجرتها مؤسسات الدولة، بالتوازي وللبرلمان دور مهم في سن التشريعات اللازمة التي تسهم في محاصرة القضية في مهدها قبل تفاقمه.

ولابد أن تكون هناك آليــة للتعــاون والتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال العمالة والتوظيف، وهناك بعض التوصيات سبق تقديمها إلى البرلمان خاصة فيما يتعلق بضـرورة الربط بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل وغرس حب العمل الفني والمهني واليدوي والاهتمام ببرامج تدريب العمالة الوطنية.

 

Email