تدني الإنتاج يهدِّد السودان بمجاعة وشيكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف تقرير أصدره المجلس الأعلى للنهضة الزراعية في السودان عن تقلص المساحات المزروعة وتراجع إنتاجية المحاصيل مقارنة بالسنوات التي سبقت عام 2008م. وحذر خبراء اقتصاديون من شبح مجاعة يهدد البلاد بحلول العام المقبل، ما لم تتدخل الدولة لمعادلة سياسة الاستهلاك والإنتاج التي شابها اختلال كبير أدى لفجوة وصفت بالخطرة في أعقاب تنامي الاستهلاك، وتقلص الإنتاج، مع ارتفاع الاستيراد لمحاصيل كان يمكن زراعتها محليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي ومن ثم تصديرها للخارج.

وشهد السودان حالة تدنٍّ مريعة في إنتاجية محصول الذرة في القطاع شبه الآلي خلال السنوات الأربع الماضية، وبلغ أدنى معدل في موسم 2009، أما الذرة في القطاع المطري التقليدي فانحرفت إنتاجيته بنسبة 46%.

ورغم زيادة متوسط المساحة المزروعة بالقمح في القطاع المروي نحو 764 ألف فدان من 410 آلاف فدان، إلا أن الخطة فشلت في الوصول للمساحة المستهدفة وهي 1023 ألف فدان. وشكا بعض الناس من الزيادة المطردة في حجم التمويل الممنوح للقطاع الزراعي من الناحية الكمية خلال السنوات الماضية والتي تقل سنويا، مقارنة مع الكميات الممنوحة للقطاعات الأخرى كقطاع الصناعة والصادرات والتجارة المحلية. وقالوا إن ضعف نسبة استرداد التمويل المقدم للمنتجين اضعف ديمومة واستمرارية التمويل المقدم للقطاع الإنتاجي.

ويعترف حاكم القضارف كرم الله عباس وهي من المناطق المعروفة بالزراعة المطرية بشرق السودان، بفشل مريع صاحب الموسم الحالي بسبب قلة الأمطار بما يعني حسب قوله مواجهة مشكلة كبيرة، وإعلان حالة إعسار مبكرة لكبار المزارعين الذين مولتهم البنوك.

ويعتقد منسق مشروع القمح في السودان انس سر الختم أن ارتباط العالم العربي بسياسة «السوق الحر» وهي فكرة يهودية بحته كما يقول. بل ويصر العرب والسودانيون على تنفيذها بشكل أكبر من أصحابها، تسببت في إحراج الحكومة السودانية على سبيل المثال من مجال الزراعة، كما أفقدتها مشروع الجزيرة الذي يعتبر واحدا من أهم المشروعات الزراعية لديه.

ويرى أن سياسة الحكومة الرامية لإدخال القطاع الخاص في الزراعة وجلب مستثمرين عرب لن تؤدي لمعالجة الوضع، لان المستثمرين العرب لم يظهروا ميلا لدخول مجال الزراعة بسبب سياسات الحكومة، فضلا عن أن عائد الزراعة في الغالب لا يكون بالسرعة التي ينشدها المستثمر، ويفضلون بالتالي مشروعات سريعة الربح قليلة التكلفة.

مجاعة وشيكة

ويؤكد منسق مشروع القمح انس سر الختم أن موسم القمح والموسم الصيفي للزراعة كانا فاشلين بكل المقاييس بسبب شح الأمطار. وأشار إلى إبلاغهم المسؤولين في الحكومة بحجم الخطر المحدق، ويمضي إلى أن العاصمة الخرطوم تستهلك حاليا كميات ضخمة من الدقيق، فيما يقابله انعدام لزراعة القمح. وما يجدر ذكره أن السودان كان يستهلك عام 1996حوالي 750 ألف طن من القمح سنويا، وارتفع حاليا إلى نحو مليونين و500 ألف طن، وذلك بسبب معدل الاستهلاك، وانتقال المنتجين الأصليين من الريف إلى المدن وهجرهم للزراعة. ورغم كل ذلك فإن الحكومة السودانية مندفعة لاستيراد القمح وبكمية تصل إلى مليونين ونصف المليون طن، بدلا من معالجة مشكلات الزراعة، ويحذر بشدة من تعرض البلاد لمجاعة تظهر آثارها خلال شهري يناير وفبراير المقبلين بعد فشل الموسمين الصيفي والشتوي، بينما المخزون الاستراتيجي كميته لا تتعدى 5 ملايين طن وهي كمية تكفي لفترة بسيطة.

والخروج من الأزمة الحالية في السودان ينحصر في تعديل السياسات الحكومية، وتوجه العالم العربي صوب السودان، وفق خطط واضحة تساعده في الخروج من أزمته، وإذا ما تم تنفيذ برنامج مشروع النهضة الزراعية، وفقا للخطة الموضوعة، فإن السودان بمقدوره زراعة محاصيل تكفيه وتكفي العالم العربي بأسره، مع الإسهام في معالجة مشكلة البطالة.

Email