«تريندز»: معاهدة السلام مقاربة جديدة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدرت عن «مركز تريندز للبحوث والاستشارات»، أخيراً، دراسة جديدة تحت عنوان «العلاقات الدبلوماسية الإماراتية – الإسرائيلية: الأهمية والدلالات»، تناولت بالتحليل معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، ودلالاتها وتداعياتها المحتملة، السياسية والاقتصادية والأمنية. وذكرت الدراسة أن دولة الإمارات لا تنظر إلى هذه المعاهدة باعتبارها تؤسس لعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل فحسب، بل على أنها معاهدة استراتيجية شاملة بين البلدين أيضاً، وهو ما يشير إلى بروز خطاب جديد لإحداث التغيير في منطقة الشرق الأوسط يحظى بالقبول والتأييد.

وتوضح الدراسة أن هذه المعاهدة تؤسس لمقاربة جديدة لحل نزاع قديم، وهو النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، خصوصاً أنها أوقفت خطط إسرائيل الرامية إلى ضم الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى أنها ستُعطي دولة الإمارات ومملكة البحرين، وأي دول عربية أخرى تعقد اتفاقاً مع إسرائيل، نفوذاً أكبر يمكّنها من دعم الحقوق الإنسانية والاقتصادية للفلسطينيين في أي مفاوضات مستقبلية. وتنطلق هذه المقاربة الجديدة في جوهرها من اعتماد الحوار واستكشاف مسارات بديلة تضمن الوصول إلى حل مستدام يعود بالنفع على الأطراف جميعها.

وأوضحت الدراسة أن الموقف الفلسطيني لا يدرك حقيقة الموقف الإماراتي وأهميته، وأنه في مقدور دولة الإمارات من خلال هذا التوجه أن تغيِّر ديناميات المفاوضات العقيمة الجارية منذ سنوات دون تحقيق اختراق حقيقي يخدم مصالح الشعب الفلسطيني. فعلى مدى سنوات طويلة وجّهت دولة الإمارات الكثير من رأس المال السياسي والموارد لدعم الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية، ولكن تلك الجهود لم تثمر سوى القليل جداً من النتائج، فيما ظل الجمود مسيطراً على المشهد، ولم تبذل القيادة الفلسطينية أي جهد لتغيير الوضع القائم.

وتذهب الدراسة إلى أن معاهدة السلام بين الدولتين تجسد توجه دولة الإمارات العربية المتحدة الخاص بتعزيز قيمتي الاعتدال والتسامح، اللتين تقوم عليهما أجندة سياستها الخارجية بمفهومها الأوسع؛ ففي الوقت الذي تعمل فيه الدولة على بناء جسور التواصل مع إسرائيل وتقاوم قوى الإسلام السياسي المتطرّفة التي تتاجر بالأزمات أيضاً، فإن فكرة الحوار الديني بين المسلمين واليهود والمسيحيين والأديان الأخرى تمثل إحدى الطرق التي يمكن من خلالها أن تعزز العلاقات بين الإمارات وإسرائيل.

وتضيف الدراسة أن دولة الإمارات لعبت دوراً أكثر ثقة وتأكيداً للذات يسهم في تعزيز مكانتها الإقليمية باعتبارها عنصراً تقدمياً فاعلاً، وذلك ضمن سعيها لترسيخ نفسها نموذجاً للعالم العربي، فقد أكدت من خلال هذه المعاهدة أن نهجها يختلف عن نهج الدول الأخرى التي لا تزال تستغل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لمصلحة أجنداتها الخاصة.

وترى الدراسة أن معاهدة السلام بالنسبة إلى دولة الإمارات تتميز بأنها بعيدة الأثر وتتضمن التعاون في مجالات التجارة والسياحة وتطوير لقاح ضد فيروس كورونا (كوفيد 19) كمسألة ذات أولوية. وفي ظل استمرار الفيروس الذي هزّ اقتصادات المنطقة، يأمل المسؤولون في إسرائيل والإمارات أن تجلب العلاقات مكاسب اقتصادية، خصوصاً في قطاعات مثل التكنولوجيا الطبية والطاقة المتجددة، التي يمكن أن تستفيد بسرعة أكبر من غيرها. وسيحقق الجانبان مكاسب اقتصادية من خلال التعاون والمشروعات المشتركة في قطاعات الصحة والطب ومشاركة القطاع الخاص وزيادة حركة السياحة. كما يمكن أن تستفيد دولة الإمارات من السياحة الطبية والخبرة الإسرائيلية في تكنولوجيا تحلية المياه والري على وجه الخصوص، وستكون راغبة في الحصول على تكنولوجيات الأمن السيبراني والمراقبة والتكنولوجيات العسكرية الإسرائيلية أيضاً ويمكّنها أن تقيم شراكات مع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية لتطوير هذه المنظومات.

وخلصت الدراسة إلى أن معاهدة السلام مبادرة دبلوماسية مبتكرة تمهّد لتحالفات إقليمية جديدة وتقدّم حلاً للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني؛ إضافة إلى ذلك، تشكّل الفرص الاقتصادية التي توفرها المعاهدات بين إسرائيل وكل من دولة الإمارات والبحرين عاملاً سيساعد على تقوية العلاقات، ومن المأمول أن تنتهز الأطراف جميعها هذه الفرص لتقوية الأمن الإقليمي وحسم الصراع المستمر منذ سبعة عقود، وذلك بإيجاد حل عملي يضمن تحقيق السلام والازدهار.

Email