ليبيا.. الخط الأحمر يقطع الطريق على أطماع أردوغان

السيسي يلتقي أعيان ومشايخ القبائل الليبية في القاهرة أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي


توحّد العالم كما لم يفعل قبلاً في وجه التدخّل التركي في ليبيا والعدوان على شعبها والطمع في الاستيلاء على ثرواتها. يسابق الجميع الزمن من أجل التوصّل إلى حلول سياسية تنهي الحرب الدائرة منذ سنوات وتوقف معاناة الشعب الليبي الذي ذاق الأمرين من ويلاتها، فيما تركيا بمرتزقتها ومن خلفها الميليشيات يدقون طبول الحرب، ويتوهمون أنّ الطريق إلى سرت والجفرة ممهداً، وأنّ الوصول إلى مناطق النفط والاستيلاء عليها ممكناً، وأنّ ليبيا يمكن أن تكون بؤرة جديدة تتخذ منها المطامع التركية منطلقاً إلى الجوار، من أجل إحياء مطامع قديمة واسترجاع ماضٍ قد ولّى إلى غير رجعة.

مثّل الخط الأحمر الذي رسمته مصر ممثلة في رئيسها عبد الفتاح السيسي مصدر اطمئنان ليس لمصر وحدها بأن ليس من مجال لتهديد أمنها القومي من الغرب، بل لكل دول الجوار بأنّ استقرار المنطقة ليس مجال مساومة، وأنّ ليبيا الآمنة المستقرة بمؤسساتها الراسخة مطلب لا حياد عنه، فيما الباب موصد في وجه كل من يحلم بالقفز على إرادة الشعب الليبي وبث الفوضى وعدم الاستقرار لتنفيذ أجندة بعيدة مهوى القرط عن آمال وتطلعات الليبيين.

لقد نذرت مصر قوتها للدفاع ليس عن حدودها فقط، بل للحفاظ على الأمن القومي العربي كله، من مخاطر جمة تتربص به وتحلم باستنساخ أوهام الخلافة بعد قرون على اندثارها، بل وأخذت القاهرة على عاتقها مهمة إحلال السلام في ليبيا، وسعت إلى ذلك بل ما تملك من دبلوماسية فاعلة أثمرت عن إعلان القاهرة التاريخي الذي رسم معالم الطريق إلى ليبيا الآمنة المستقرة المزدهرة المتوافقة المكوّنات والمتجانسة الرؤى، إلّا أنّ هذا الطرح لم يرق لمن يتبنون أجندة مضادة منطلقها المصالح المعوّجة التي لا ترى في ليبيا سوى غنيمة ينبغي الاستيلاء على ثرواتها ولو بتمزيق مكوناتها وتفتيت نسيجها الوطني وصولاً إلى اتخاذها قاعدة ومنطلقاً للتوسّع شرقاً وغرباً.

وفق المعطيات الميدانية، والوقائع في الأيام الماضية، يقف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر حجر عثرة في وجه مطامع أردوغان ومرتزقته حماية لسيادة البلاد وحفاظاً على مقدراتها بتأييد الشرعية الشعبية ممثلة في مجلس النواب الليبي المنتخب، فيما يشهد المجتمع الليبي بكل مكوناته وعلى رأسها القبائل توحداً غير مسبوق خلف قيادتيه العسكرية والسياسية أملاً في ليبيا الجديدة التي يتطلّع إليها الجميع بعد سنوات من الحرب والاقتتال.

يتطلع الجميع إلى حلول سياسية تنهي الأزمة الليبية، ويراهن الكل على طاولة المفاوضات لصنع السلام، عدا أردوغان و«الوفاق» الذين يراهنون على الحرب لتحقيق المآرب، ولو كان ذلك على حساب دماء الليبيين وتدمير مؤسسات الدولة وإشعال الحريق أكثر وأكثر. تبدو الصورة في ليبيا الآن واضحة أكثر من أي وقت مضى بأن لا مجال للتلاعب بمصير الشعب وتهديد أمن الجوار واستقراره، وأنّ دون ذلك خرط القتاد.

Email