قصة خـــبرية.. «ريشة أمل» في يوميّات حراك لبنان

تعدّدت الأسماء، والتغيير واحد في حسابات فنّاني لبنان ومثقّفيه إزاء حراك الشارع: «سنحارب بإيماننا ووعينا ووجعنا حتّى الرمق الأخير» لـ«نسترجع الوطن»، و«سنرسم وطننا الجديد بريشة الأمل والحبّ والدمّ».

هذا هو مضمون الرسالة التي وجّهها عدد من الفنّانين والمثقّفين في لبنان، في إطار مشاركتهم في فعاليات «يوم الإبداع اللبناني» الذي شهدته «ساحة الشهداء وسط بيروت، وسبقته الدعوة إليه ممهورةً بعبارة بابلو نيرودا: يمكنك أن تقطع كلّ الأزهار، لكنّك لن تستطيع أن تمنع الربيع من القدوم.

وذلك، في سياق مواصلة الحراك استئثاره بالمشهد الثقافي البديل في المدينة، مع تحوّلها إلى مادّة أساس لمعظم الإنتاجات الفنيّة والثقافيّة الحالية، ومنها ليلة سرْد قصص حول الاحتجاج، استضافتها مؤخراً منصّة «كليفهانغرز» لسرد القصص في محلّة الجمّيزة وسط بيروت.

وعلى عكس الآحاد السابقة، غاب مشهد الاقتتال بين المتظاهرين والقوى الأمنيّة، وحضرت الساحة.. فعلى امتدادها، وفي قرية فنيّة، احتضنت أكثر من 100 فنّان وفنّانة في مجالات الرسم والنحت والغرافيتي والموزاييك، نفّذوا أعمالاً تحاكي الحراك المستمرّ منذ 17 أكتوبر 2019، وبمواد تراعي إعادة التدوير، تمّ عرضها داخل الخيم المنصوبة في المكان، بدءاً من لوحات ذات منحىً وطني وأخرى من وحي الثورة، مروراً بأعمال حرفيّة ونحْت حاكت الانتفاضة الشعبيّة وأهدافها، ووصولاً إلى حلقات الرقْص والدبكة وعزْف من الفولكلور اللبناني.

وذلك بحضور مئات المحتجين، الذين أبدوا حماسة كبيرة في دعْم تلك الأعمال الفنيّة، ومنهم الناشطة ليال التي اعتبرتها تجسيداً لـ«لبنان الجديد الذي يجسّد تطلّعاتنا وآمالنا».

وليكتمل المشهد، كان «نشيد الثورة» على مسرح في الساحة، ولوحات فنيّة وموسيقيّة إلكترونيّة على شاشة عملاقة، وترجمة أنغام موسيقى زكي ناصيف وكلمات سعيد عقل بلوحات موسيقيّة ثوريّة، بالإضافة إلى اللحن الخاص بالحراك «لاقونا» لجبران خليل جبران وبصوت الفنان جوزيف بو نصّار، وعروض خاصة لفرق تراثيّة فنيّة.

وهكذا، أدلى المؤدّون بشهاداتهم الخاصة حول الحراك عبر وسائط متعدّدة، مسلّطين الضوء على الفوارق الشاسعة في التجارب الفردية المعاشة إزاء هذا الحدث الجماعي.

ولعلّ الجامع بين أعمالهم جميعاً، هو ظهور بيروت كمبعث للتناقضات العاطفيّة، الحماسة والخوف، التعلّق والنفور، الأمل والإحباط، في آخر محاولاتهم لإنقاذ هذه المدينة، وهي «محاولات ترتطم مرّة تلو الأخرى بعراقيل وتعقيدات النظام القائم»، بحسب تعبير الناشط ربيع، أحد منظّمي النشاط.