جعفر خضر.. مقعد ألهب ساحات السودان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مطلع تسعينات القرن الماضي تشكلت شخصيته المناوئة لنظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وذلك عقب مشاهدته في سنوات دراسته الأولى بجامعة الخرطوم لزميله (طارق محمد إبراهيم) غارقاً في دمائه في فناء الجامعة نتيجة لرصاصة أطلقتها أجهزة الأمن، التي كانت تواجه احتجاجات طلابية بداية حكم الإنقاذ.

ومنذ ذلك الحين رفع جعفر خضر راية النضال ضد نظام البشير غير آبه بإعاقته الجسدية وهو المقعد على الكرسي المتحرك، ولا ببطش النظام في أشد عنفوانه ضد خصومه، بل كان خضر قائداً ومشاركاً لكل الفعاليات الطلابية المناوئة لنظام الحكم.

واصل جعفر خضر بعد تخرجه في كلية الاقتصاد مسيرة نضاله ضد الظلم ونشر التوعية بالحقوق، حيث استقر به المقام بمسقط رأسه مدينة القضارف شرق السودان، وهناك أسس منتدى (شروق الثقافي)، ويقول إن الغرض من المنتدى يتمثل في إرساء المبادئ التي من المفترض أن تقوم بها منظمات المجتمع المدني، مثل الشفافية والديمقراطية، ولكن كان مصير المنتدى الإغلاق بعد أن ضاقت به السلطات ذرعاً، وذلك على خلفية فعالية كان يخطط لها المنتدى تتناول الآثار الاقتصادية لانفصال الجنوب، ليدخل المنتدى فصلاً جديداً من الصراع مع السلطات.

كما أن كان ضمن المؤسسين لمجموعة (قضارف ضد الفساد)، وهي منظمة تعمل على محاربة الفساد في ولايته القضارف، وكذلك أسس (مبادرة القضارف للخلاص)، والتي تتلخص فكرتها في العمل على تغيير النظام سلمياً، ومن خلالها خلق حراكاً جماهيرياً واسعاً خارج العاصمة الخرطوم، حيث كان يقود من على مقعده المتحرك المواكب السلمية المطالبة بالتغيير، متحدياً آلة البطش، وتحمله قناعة راسخة بأن التغيير آت ولو بعد حين، حتى شاهد ذلك بأم عينيه، وهو يخاطب جموع المعتصمين بالنصر بعد سقوط البشير بميدان القيادة العام للجيش.

يقول أحد الذين زاملوا جعفر خضر خلال الدراسة بجامعة الخرطوم لـ«البيان» إنهم قرروا التواصل مع عدد من أفراد دفعته المقيمين خارج السودان، ورتبوا إبعاده إلى إحدى الدول الأوروبية أو أمريكا، تجنيباً له من أذى أجهزة أمن البشير، جراء الاعتقال المتكرر، ولكنه رفض الخروج بشكل قاطع، وتمسك بالبقاء والمكوث في مدينته القضارف، وأصر على عدم مغادرتها، على الرغم من محاربته والتضييق عليه وعلى أسرته في مصادر عيشهم.

أما الناشط القانوني والمحامي طارق القاسم الذي كان أحد المدافعين عن جعفر خضر، فيقول لـ«البيان» إن خضر كان القوة الدافعة للحراك ضد النظام المخلوع، وكان مصدر الشجاعة عندما يتملك الجميع الخوف، كما أنه كان مصدر الإلهام حينما تتبلد المشاعر، وكان المصباح الذي أنار عتمة الطريق، ويضيف «دافعنا عنه في المحاكم فوجدناه أقوانا حجة».

Email