الأزمة اللبنانية تتعقّد مع تراجع الحريري عن التشكيل

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل سعد الحريري، أمس، أنه لا يرغب في تولي رئاسة الحكومة المقبلة، ما يزيد من تعقيد الأزمة في لبنان وسط معلومات عن عزم الرئيس ميشال عون إجراء استشارات نيابية غداً لاختيار رئيس وزراء جديد.

ووصف الحريري قراره بأنه «صريح وقاطع»، مضيفاً أنه واثق من أن الرئيس ميشال عون سيدعو لإجراء مشاورات لتكليف شخص آخر بتشكيل حكومة جديدة.

وتحت ضغط الشارع، قدم الحريري، الذي يرأس تيار المستقبل استقالته في 29 أكتوبر. ولم يحدد رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الآن موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد، في وقت يطالب المتظاهرون بحكومة مؤلفة من اختصاصيين من خارج الطبقة السياسية. لكن مصادر بقصر الرئاسة قالت أمس، إن عون سيجري استشارات نيابية ملزمة يوم غدٍ (الخميس)، لاختيار رئيس الوزراء المقبل.

وقال الحريري في بيان إنه إزاء «الممارسات العديمة المسؤولية» من القوى السياسية وحالة «الإنكار المزمن» لمطالب المتظاهرين، «أُعلن للبنانيات واللبنانيين، أنني متمسك بقاعدة (ليس أنا، بل أحد آخر) لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشباب والشابات».

وانتقد الحريري أطرافاً لم يسمّها «بأنهم ما زالوا يتحججون تجاه الرأي العام بأنهم ينتظرون قراراً من (سعد الحريري المتردد) لتحميلي، زوراً وبهتاناً، مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة الجديدة».

وأضاف: «كلي أمل وثقة أنه بعد إعلان قراري هذا الصريح والقاطع أن فخامة رئيس الجمهورية، المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فوراً إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة»، متمنياً لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل في مهمته.

اتهام

وَصَف عون في مقابلة تلفزيونية في 12 نوفمبر الحريري بأنه «متردد». وبعد أيام، اتهم التيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، صهر عون، في بيان الحريري باتباع «سياسة (أنا ولا أحد غيري) في الحكومة بدليل إصراره على أن يترأس هو حكومة الاختصاصيين».

وبموجب الدستور، يتوجب على الرئيس اللبناني بعد استقالة الحكومة أن يحدد موعداً لاستشارات ملزمة يجريها مع الكتل النيابية لتسمية رئيس يُكلف تشكيل حكومة جديدة. إلا أنه في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية، غالباً ما يتم التوافق على اسم رئيس الحكومة قبل إجراء الاستشارات التي تأتي شكلية.

واقترح عون في وقت سابق تشكيل حكومة مؤلفة مناصفة من سياسيين وتكنوقراط، قبل أن يبدي الأسبوع الماضي استعداده لأن تضم كذلك ممثلين عن الحراك الشعبي.

في غضون ذلك، شدّد مجلس الأمن الدولي، في ختام جلسته حول لبنان، على ضرورة إجراء حوار وطني مكثف من قِبل جميع الأطراف الفاعلة في لبنان، والإسراع في تشكيل الحكومة.

ودعا المجلس في بيان إلى الحفاظ على «الطابع السلمي للتظاهرات، وتجنب العنف واحترام الحق في الاحتجاج». كما دعا إلى احترام الخط الأزرق والتنسيق بين الجيش اللبناني واليونيفيل، وتلبية لبنان التعهدات التي قطعها في مؤتمرات المساعدات الدولية.

اشتباكات

ميدانياً، ذكرت الوكالة الوطنية للأنباء أن اشتباكات بين أنصار الحريري وحركتي حزب الله وأمل تطورت إلى إطلاق نار في بيروت في وقت متأخر الاثنين.

وتنذر الاشتباكات، التي تقع في ثاني ليلة على التوالي من أعمال عنف مرتبطة بالأزمة السياسية في البلاد، بتحويل المظاهرات التي يغلب عليها الطابع السلمي إلى مسار دموي.

وأظهر تسجيل فيديو بثته محطة تلفزيون «إل.بي.سي.آي» اللبنانية إطلاقاً كثيفاً للنيران في محيط جسر الكولا ببيروت.

وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن أنصار حزب الله وأمل أزالوا خياماً للمحتجين بمدينة صور في جنوب البلاد وأشعلوا فيها النيران ما دفع قوات الأمن للتدخل وإطلاق النار في الهواء.

بيان

أصدر تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بياناً نصح فيه مؤيديه بعدم المشاركة في أي تحركات احتجاجية والابتعاد عن أي تجمعات بهدف «تجنب الانجرار وراء أي استفزاز يراد منه إشعال الفتن». وشوهدت مجموعات على دراجات نارية، بعضهم يرفعون أعلام حركتي حزب الله وأمل، تجوب شوارع بيروت، وذلك وفقاً لتسجيلات فيديو بثتها وسائل إعلام لبنانية وروايات شهود.

دعم روسي

أكد ألكسندر زاسبكين السفير الروسي لدى بيروت، أمس، دعم بلاده لدولة لبنان في مواجهة التطورات الراهنة. جاء ذلك خلال استقبال الرئيس اللبناني ميشال عون السفير زاسبكين في قصر بعبدا، «وأجرى معه محادثات تناولت المستجدات المحلية والإقليمية»، بحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية.

وقال السفير الروسي إن «البحث تطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين لاسيما فيما يتعلق بتطويرها في المجالات كافة». وأضاف زاسبكين أن «بلاده لن تتردد في التجاوب مع ما يطلبه لبنان في هذا الظرف الدقيق».

ناقوس خطر

حذر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان جميل جبق، أمس، من النقص الحاصل في المعدات الطبية المستوردة من الخارج، مطالباً مصرف لبنان بالتدخل لتوفير المبالغ الضرورية اللازمة بالدولار لتسهيل عملية الاستيراد.

وأتاح مصرف لبنان مطلع الشهر الماضي للمصارف «التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية، الطلب من مصرف لبنان تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار» .