كيف حوّلت تركيا اللاجئين السوريين إلى بضاعة سياسية؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

حوّلت الحكومة التركية اللاجئين السوريين إلى ما يشبه «بضاعة سياسية مربحة»، ولا تتوانى في التهديد علناً بأنها ستفتح الباب أمامهم ليتوجهوا إلى أوروبا، وهو ما اعتبرته الحكومة اليونانية ابتزازاً سياسياً لأوروبا.

الأسبوع الماضي، أعلنت السلطات التركية أنها قامت بإخراج 100 ألف سوري من مدينة اسطنبول، ودفعت بهم إلى محافظات أخرى، فيما ذكرت تقارير أن المئات تم نقلهم إلى داخل الحدود السورية، حيث تعمل الدولة التركية على حشد اللاجئين من أجل استخدامهم في مشروع للتغير السكاني شمال سوريا، وتحديداً في المنطقة التي احتلتها الشهر الماضي إثر عملية عسكرية شنتها ضد قوات سوريا الديمقراطية. 

وتريد تركيا أن تتحمل أوروبا نفقات إقامة اللاجئين في تركيا، وأن تشارك في تمويل ما تسميه أنقرة «المنطقة الآمنة»، وهي المساحة الجديدة التي قامت باحتلالها شمال سوريا بمشاركة فصائل موالية لها. ومن شأن هذه الإجراءات أن يزيد الضغط على اللاجئين، وغالبيتهم العظمى سوريون، الذين باتوا أداة في السياسات الدولية مع استمرار تركيا في تهديد أوروبا بـ«فتح الأبواب» أمامهم. وغالباً ما يستخدم المسؤولون الأتراك لهجة مرافقة لهذه التهديدات بحيث يُفهم منه أن من شأن هذه الخطوة تدمير وحدة أوروبا. 

الموقف الأوروبي متردد حتى الآن. فتخصيص حزمة مالية جديدة للاجئين (6 مليارات دولار) لا يلبي مطالب تركيا كاملة. فالأخيرة تريد من أوروبا توفير الغطاء السياسي والقانوني لعمليتها العسكرية في شمال سوريا، وإضفاء الشرعية على التغيير السكاني ضد الأكراد. وفي حال لم توافق أوروبا، فإن تركيا ستستمر في خططها كما هي، وفي الوقت نفسه ستطلق موجة لجوء جديدة باتجاه أوروبا. 

على هذا الأساس، تتحرك اليونان بشكل منفرد، لأنها المحطة الأولى أمام اللاجئين الوافدين من تركيا. ونشرت اليوم الجمعة المزيد من حرس الحدود لإغلاق الباب في وجه المهاجرين الذين يأتون من جهة تركيا، براً وبحراً، بعد يوم من انتقاد أثينا لـ«الابتزاز التركي» لأوروبا حول هذا الملف. وأبلغ رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس البرلمان بموافقته على نشر 400 من الحرس على حدود اليونان البرية مع تركيا و800 آخرين على الجزر اليونانية. وأشار إلى أن أثينا ستطور أيضاً عمليات الدوريات البحرية، كما أعلنت الحكومة اليونانية عزمها إغلاق مخيمات اللاجئين المكتظة على الجزر وفتح مراكز احتجاز أكثر صرامة بدلاً منها.

وتحدثت منظمة أطباء بلا حدود عن أن الاتفاق الذي أبرم عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا للتعامل مع تدفق اللاجئين عبر البحر المتوسط قد انهار. وقال رئيس المنظمة كريستوس كريستو في أثينا: «بعد أربع سنوات من إطلاق اتفاق اللاجئين، يعيش 35 ألف شخص في فوضى عارمة وبدون أي كرامة، في الجزر اليونانية»، مشيراً إلى أن ضحايا تعذيب ومرضى نفسيين وأطفال بدون رفقة بالغين وغيرهم من الفئات المهددة يعيشون دون رعاية، وتحت أغطية من البلاستيك بدلاً من أسقف.

إن من شأن استمرار تركيا في استخدام اللاجئين السوريين كأداة في السياسة الخارجية ومشاريعها الأمنية غير المشروعة، كما في سوريا، من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على اللاجئين أنفسهم، الذين يفقدون شيئاً فشيئاً الطابع الإنساني لمحنتهم الكبيرة بسبب الاستخدام السياسي التركي، وآخرها ما أعلنته اليونان اليوم: «أبوابنا مغلقة».

Email