معاذ عمارنة.. عين الحقيقة لن تنطفئ

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت السماء ترسل أمطار الخير بهدوء، على أراضي بلدة صوريف إلى الشمال الغربي من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، بينما كان المصور الصحافي معاذ عمارنة، يضبط إيقاع عدسته، كي يوثق تصدي الفلسطينيين لقوات الاحتلال، التي تحاول سرقة أراضيهم، قبل أن يستل قناص إسرائيلي بندقيته، في حفلة صيد، أصابت معاذ، وأعطبت عينه اليسرى.

معاذ مصور صحافي، لم يغمض عينه يوماً عن انتهاكات الاحتلال بحق أبناء شعبه، لكنه فقد عينه برصاص الاحتلال، عقاباً على رغبته الشديدة بنقل صورة الأحداث الجارية على امتداد الأراضي الفلسطينية إلى العالم، كان زملاؤه ينتظرون صورة منه، فتأتيهم صورة له، ولم يخطر ببالهم أن معاذ الذي شاهد العالم بأم عينه المئات من صوره، سيصبح خلال لحظات هو الخبر، والصورة الأكثر تداولاً في وسائل الإعلام المختلفة.

أطفأ الاحتلال عين معاذ، لكنه لن يطفئ عين الحقيقة، فالحكايات الدامية للصحافيين الفلسطينيين، أصبحت في كل ميدان للمواجهة، وعلى كل مفترق طرق، وبجوار كل حاجز عسكري، ولا تحتاج إلى جهد لالتقاطها، في حين باتت المهمة الصحافية بتوثيق الأحداث الجارية في فلسطين، تواجه خطراً يتهددها، وتتطلب في ظل ارتفاع مستوى استهدافها حماية دولية.

التقدير الصحافي في الموقع الذي أصيب فيه معاذ، يؤكد أن قوات الاحتلال استهدفته بشكل مباشر، رغم أنه كان يرتدي الخوذة والدرع «الزي المخصص للصحافيين» كما أنه كان بعيداً نوعاً ما عن رحى المواجهات، وكان يتخذ لنفسه مكاناً مناسباً، يعينه على القيام بمهامه ورسالته السامية، بيد أن قوات الاحتلال لا يروق لها أن ترى صحافياً يوثق جرائمها، وينقل جبروتها واستعلائها.

قبل أيام من إصابته، كان معاذ يوثق المواجهات الدائرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم العروب قرب الخليل، والتي استشهد خلالها الشاب هيثم البدوي أيضاً برصاصة قناص، وخلال تلك المواجهات نجا معاذ من الموت، بعد استهدافه ومجموعة من الصحافيين بالرصاص وبشكل مباشر، وأصيب بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع.

لكن هذه المرة ذاق الألم بمذاقاته المتعددة، لقد أعطب الاحتلال عينه، لكنه لن يحجب عينه الثالثة، إذ سيظل يلاحقهم بعدسته، ولن تعيقه العين الواحدة عن العمل.

وأوضح زملاء معاذ لـ«البيان» أن قوات الاحتلال كانت اعترضت طريقه إلى موقع المواجهات في بلدة صوريف، واحتجزوه ومركبته قرابة الساعة، وقاموا باستفزازه ومضايقته رغم إبراز بطاقته الصحافية، ما يعزز احتمالية أن يكون استهدافه خلال توثيق المواجهات مبيّتاً.

Email