العراق.. نهاية أم هدوء يسبق عاصفة جديدة؟

في بغداد، ثاني عاصمة عربية من حيث عدد السكان، تبدو عودة الحياة الطبيعية واضحة، بعد أسبوع من تظاهرات أخذت منحى الدم، عبّر عنه بوضوح مقتل أكثر من مئة شخص بين متظاهر ورجل أمن، وأغلبهم متظاهرون، وأكثر من ستة آلاف جريح. وعادت حالات الازدحام إلى محاور الطرق في هذه المدينة.

لكن مراقبين يركزون على ضرورة الحذر وعدم الانخداع بهدوء ربما يسبق تجدد العاصفة، ما لم يلمس العراقيون توجّهاً جدياً ضد الفساد وضد التدخّلات الإيرانية في كل مفاصل الحياة في البلد.

وبحسب الإعلامي والناشط في حقوق الإنسان خالد الصكر، فإن الحراك جاء احتجاجاً على الفساد والظلم وتدني مستوى المعيشة وارتفاع نسب البطالة، وعدم الرضا على النظام السياسي القائم على المحاصصة، وتقاسم النفوذ والثروة، وهو ما يفسر إطلاق هتافات «الشعب يريد إسقاط الأحزاب».

أبعاد أخرى

لكن هناك أبعاد أخرى، وبحسب د. هوشيار مالو رئيس منظمة كردستان لحقوق الإنسان، فهي ليست ثورة فقراء، ولا هي ربيع عربي، بقدر ما هي ثورة للمطالبة بحقوق مشروعة، ودليل ذلك الشعار الأكثر ترديداً «إيران بره بره»، وهو دليل على امتعاض الشعب من الدولة الجارة، من خلال تأثيرها السلبي في السياسة العراقية في نظر المتظاهرين.

وعلى الرغم من توقف أعمال العنف في بغداد والجنوب، بقيت شبكات التواصل الاجتماعي محجوبة، بعد أن تمكّن الناشطون من تصوير أعمال العنف بشكل واسع. وحتى الآن لم تعلق السلطات العراقية على قطع الإنترنت، الذي يشمل ثلاثة أرباع البلاد، كما نقلت وكالة فرانس برس عن منظمة أمن المعلوماتية «نيتبلوكس».

تهدئة

وفي محاولة لتهدئة الاحتجاجات، أعلنت الحكومة والبرلمان عن إجراءات اجتماعية. وأصدرت الحكومة حزمة ثانية من القرارات. القرارات تضمنت تهيئة الأراضي الزراعية اللازمة لتخصيص القطع السكنية للمستحقين، وتضمين مشروع قانون الموازنة لعام 2020، تجميد العمل بالقوانين والتعليمات النافذة التي تمنح الحق باستلام الشخص أكثر من راتب أو تقاعد أو منحة.

كما ستتولى وزارة الكهرباء توزيع منظومات طاقة شمسية متكاملة على ثلاثة آلاف عائلة فقيرة مجاناً. وتتضمن أيضاً قيام وزارة التجارة بتبسيط إجراءات تسجيل الشركات الصغيرة للشباب.

ضبط النفس

من جهتها، أعلنت الدبلوماسية الأمريكية، ليل الثلاثاء الأربعاء، أن وزير الخارجية مايك بومبيو، دعا الحكومة العراقية إلى التحلي بـ «أقصى درجة من ضبط النفس». وأضاف أن «الذين انتهكوا الحقوق الإنسانية يجب أن يحاسبوا».

وقالت واشنطن إن بومبيو أدلى بهذه التصريحات في اتصال هاتفي جرى «مؤخراً» مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي. وأوضحت أن بومبيو «أعرب عن أسفه للخسائر في الأرواح خلال الأيّام القليلة الماضية، وحَضَّ الحكومة العراقيّة على ممارسة ضبط النفس».