تقارير «البيان»

السودان حرٌ بعد 30 عاماً من بطش «الإخوان»

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصعب محو تاريخ 30 يونيو من ذاكرة السودانيين، إذ إنّه اليوم الذي قفز فيه «الإخوان» على السلطة عبر انقلاب عسكري من تدبير عرابها حسن الترابي، ليعملوا على ترسيخ دعائم حكمهم ويعملوا آلات بطشهم على جموع الشعب بالقتل ثلاثين عاماً بما أوصل عدد القتلى إلى مئات الآلاف معظمهم في إقليم دافور.

واستطاعت ثورة الشعب السوداني التي انطلقت شرارتها في 19 ديسمبر 2018، الإطاحة بنظام عمر البشير الذي قدمه الترابي 30 يونيو من العام 1989 لقيادة الانقلاب بحيلته الشهيرة «اذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب السجن حبيساً»، وذلك لإيهام الرأي العام الداخلي والخارجي بأنّ الانقلاب نفذه الجيش السوداني، في محاولة لإبعاد الشبهات عن «الإخوان»، لتأتي الذكري الأليمة على السودانيين هذا العام وهم يحاولون الفكاك من فخاخ الإخوان الذين ظلوا يرزحون تحت وطأتها طوال الثلاثة عقود.

لم تصمد حيلة الترابي كثيراً بعد أن تكشفت خيوط لعبته سريعاً، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة في تاريخ السودان الذي أصبغت صفحاته باللون الأحمر سواء كان ذلك من خلال معاركها مع خصومها ومعارضيها وغيرهم بعد أن استلت في وجوههم سيف التشريد من الخدمة العامة، والتعذيب في بيوت الأشباح أو من خلال حروبها التي خاضتها جنوباً وشرقاً وغرباً، وخلفت مئات الآلاف من الضحايا، في ممارسات جعلت من ادعاءاتهم مجرد شعار امتطوه للاستقواء به على الشعب السوداني بما أدى إلى إدراج السودان الذي أقحمته بسلوكياتها ودعمها للمنظمات الإرهابية في دائرة الحظر العالمية وجعلت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.

تصفية

يقر القيادي الإخواني المحبوب عبد السلام، أن جماعة الإخوان نشطت في بداية الانقلاب في تصفية الخدمة المدنية من العناصر المناوئة لها، وفصل الآلاف من جهاز الدولة، ما أدى إلى ما يشبه المجزرة العشوائية في الخدمة المدنية، فأودعت الكثير من الأسماء لقوائم الفصل لدوافع لا علاقة لها بالعمل أو بتأمين الانقلاب، بل بغضب بعض عناصر الإخوان من الخدمة المدنية وخوفهم من بعض العاملين بها أو من لهم عليهم تحفظ حزبي أو موجدة شخصية، فجاءت القوائم مفتوحة بلا تمحيص، وانتظمت الحملة في كل أجهزة الدولة تحت اسم الصالح العام.

تغلغل عناصر

ويشير عبدالسلام إلى أنّه ونتيجة لذلك تسلّل عناصر من «الإخوان» إلى الخدمة المدنية في المواقع الأشد خطورة وتأثيراً، كما طالت يد الصالح العام العشرات من ضباط الجيش بحجة سد الثغرة الأخطر لحماية الانقلاب.

ويستمر المحبوب عبدالسلام في سرد أحداث المرحلة الأولى من حكم «الإخوان» إلى أنّه وبحجة تأمين الحكم تم إحلال عضوية الإخوان في الأجهزة الخاصة ليكونوا ضباطاً لجهاز الأمن الرسمي وعساكره، فيما قامت لجنة الأمن والعمليات العليا بتأسيس مراكز اعتقال خاصة فيما عرف ببيوت الأشباح لتتمدّد الاعتقالات العشوائية الواسعة التي تأخذ الناس بأدني شبهة بلا تحقيق أو محاكمة بل بتعذيب وإهانة كرامة الإنسان.

انتهاج عنف

ويذهب عبد السلام، إلى أنّه وفي غمرة التدافع الحاد بين «الإخوان» وخصومها، تطوّرت عقيدة غريبة تمثلت في انتهاج العنف لإسكات المعارضة، روحٌ ما لبثت أن استشرت في أروقة الأجهزة الأمنية وجرأتها البالغة لاتخاذ بعض قراراتها، والحماس الشديد لإعدام كبار الأطباء الذين شرعوا في محاولة للإضراب وإعدام بعض تجار النقد الأجنبي، فضلاً عن المجزرة المتعجلة التي ارتكبتها قيادة الانقلاب وقيادة «الإخوان»، ممثلة في نائب الأمين العام آنذاك النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه بحق 28 من ضباط القوات المسلحة، وأضعاف عددهم من ضباط الصف عقب محاولة انقلابية فاشلة، لتبقى المسؤولية في عنق «الإخوان».

Email