فقد أهله وصار وحيداً في بلد اللجوء

الشنباوي سوريٌ يُكابد مصاعب الحياة في مصر

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«السوريين منورين مصر».. هاشتاغ أطلقه المصريون مؤخراً في مواجهة حملات إساءة ومحاولات وقيعة بين المصريين وضيوفهم من السوريين، عدّدوا خلاله إسهامات السوريين ومحاسنهم، وكيف أنهم استطاعوا خلق فرص عمل لأنفسهم، حتى صار يُضرب بهم المثل في الأوساط الشبابية المصرية.

«عاطف الشنباوي» ليس بعيداً عن أولئك السوريين الذين تحدّوا الصعاب وخلقوا لأنفسهم طريقاً خاصاً، بدعمٍ من أهل البلد المضياف، الذين فتحوا أبوابهم للسوريين.

في منطقة منشية التحرير بحي عين شمس (شرق القاهرة) تقع مؤسسة الحرية للرعاية الاجتماعية، وهي إحدى المؤسسات التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي في مصر، والتي تضمن عدداً من الأطفال في مراحل عمرية مختلفة، من بينهم جنسية غير مصرية، على غرار «الشنباوي» وهو من مدينة حلب في سوريا، والذي التحق بالمؤسسة في العام 2017، بعد رحلة قطعها في مؤسسات رعاية أخرى جنوب مصر.

قصة عاطف مزيج من الآلام والمصاعب والمتاعب، يختلط مع الحلم والطموح والأمل والنجاحات الصغيرة الثابتة. القصة كما يرويها هو لـ «البيان» بدأت في العام 2011 عندما اشتعلت شرارة الأحداث في سوريا وبدأت الحرب بعد ذلك، وهي الحرب التي فرضت على أسرته الصغيرة التخطيط للهروب وترك البلد ومن ثمّ العودة إليها من جديد عندما تهدأ الأوضاع، وكانت الوجهة المُحددة هي «مصر»، حيث أهلها الطيبون الكرام، والعادات والتقاليد والثقافة والتاريخ المشترك.

 

طفل نجا

استعار الحرب لم يُهمل أسرة الشاب عاطف الشنباوي، وقتاً كافياً لتنفيذ ما كانت ترمي إليه، فأصيب والداه في قصف تعرّض إليه حيهم في حلب، وتوفيا بعدها مباشرة.. القدر كان رحيماً بطفلٍ كان يبلغ وقتها من العمر عشرة أعوام تقريباً، لم يُصب أو يلق مصير والديه، فقد أخيه بعد أن تاها عن بعضهما البعض، لم يعد له سوى عمه الذي نفذ ما كانت العائلة تُخطط له، وغادر سوريا قاصداً مصر رفقة «عاطف» ليلوذ بالأمن والأمان فيها.

يقول عاطف إنه عاش في كنف عمّه قرابة ستة أعوام كاملة (هي ثلاثة أرباع الفترة التي قضاها في مصر حتى الآن تقريباً)، حيث كانا يعيشان في مدينة السادس من أكتوبر (تتبع محافظة الجيزة إدارياً، وتشتهر بكثافة الوجود السوري فيها)، وذلك قبل أن يضطر عمه للتخلي عنه (دون توضيح سبب ذلك من جانب عاطف لدى حديثه مع البيان). يقول عاطف: «رماني (ألقاني) عمي في المنيا (محافظة تقع في جنوب مصر)».

ساعد أهل الخير عاطف للالتحاق بإحدى دور الرعاية التي تنقل بينها في جنوب مصر، قبل أن يصل قبل عامين إلى مؤسسة الحرية في العاصمة المصرية «القاهرة» وكان حينها في الصف السادس الابتدائي، والتي استكمل فيها تعليمه، وهو الآن في المرحلة الإعدادية.

المحطّات التي مرّ بها عاطف كانت شديدة القسوة وكان وقعها سلبياً على نفسه، كان انطوائياً إلى أبعد مدى، حتى أسهمت المؤسسة في دعمه نفسياً بطرق شتى، إضافة إلى دعمه مهنياً، فتلقى دورات تدريبية على مهن مختلفة إلى جانب دراسته، فصار يعمل ويواصل تعليمه في الوقت ذاته.

 

تعلّم مهنة

يقول عاطف إنه عمل في بادئ الأمر بمصنع لتصنيع الأحذية، وقد نجح في تعلم المهنة وتعلم التعامل مع الماكينات ذات الصلة، قبل أن يضطر لترك العمل نظراً لغلق المصنع من قبل أصحابه، وهو الآن يستعد لخوض تجربة جديدة في تعلم صناعة الأثاث، وذلك بعد أن وفرت له المؤسسة عملاً بأحد مصانع الأثاث في مدينة شرم الشيخ (جنوب سيناء)، ذلك أن عاطف «لا يكل في تعلم أية صنعة إلى جوار التعليم» كما يقول، فكل صنعة يتعلمها «حتماً ما يكون لها تأثير في طريق تحقيق حلمه وهو أن يكون مهندساً.. المُهندس يجب أن يكون ملماً بكل شيء».

يصبو الشنباوي إلى أن يواصل العمل على مسارين، المسار المهني والمسار التعليمي الأكاديمي، المسار الأول لجلب الرزق وتسيير أموره المادية حتى لا يكون اعتمادياً، والثاني حتى يحقق حلمه في استكمال تعليمه وأن يصبح مهندساً، في خطوات يقطعها وحيداً بعد أن فقد سنده الأول الممثل في عائلته، يعتمد في تلك الخطوات على دعم أهل البلد المضيف وكرم المصريين، وعلى تحديه لنفسه، تحت شعار «الظروف التي أمر بها لن تهزمني.. تزيدني طاقة وقوة».

Email