تقارير «البيان»

السودان.. متغيرات سياسية قلبت الموازين

ت + ت - الحجم الطبيعي

مياه كثيرة جرت منذ الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير، فيما بين شد وجذب وحالة لا حرب ولا سلم يبقى مصير البلاد، التي ظلت ترزح تحت وطأة حكم الإخوان لثلاثة عقود معلقاً على خيوط الأمل في نجاح الوساطات المحلية والإقليمية التي تضج بها الساحة، بعد اصطدام عملية التفاوض بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بحائط تفاصيل ترتيبات الفترة الانتقالية.

ورغم أن الطرفين اتفقا حول أكثر من 90 في المئة من جملة ترتيبات الفترة الانتقالية، إلّا أنّ نسب التمثيل في المجلس السيادي حالت دون إكمال الاتفاق، ما أوصل التفاوض لطريق مسدود بعد تمسك كل طرف بالأغلبية في المجلس ذي السلطات والصلاحيات السيادية. وسدت عملية فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للجيش، وما صاحبها من تبعات الباب أمام الحل التفاوضي، ما مهد الطريق لقبول وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد المسنودة من قبل الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي، كبارقة أمل للخروج من نفق الأزمة.

ووفق مراقبين فإنّ المتغيرات التي طرأت غيرت الأوضاع والمواقف، إذ يرى استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، بروفسور حسن الساعوري، في تصريحات لـ «البيان»، أن فض الاعتصام جرد قوى الحرية والتغيير من سلاحها المهم، كما أن فشل التظاهرات الليلية جردتها من سلاحها الثاني، بجانب أن عدم إمكانية العصيان المدني وفشل الإضراب السياسي جردها من آخر أسلحتها، هذا فضلاً عن بوادر الفتنة التي بدأت تضرب مكونات التحالف الذي يمثل الطرف الثاني في عملية التفاوض، وهو ما جعل قوى الحرية والتغيير ضعيفة أمام غريمها المجلس العسكري.

إضعاف

ويشير الساعوري إلى أنّ بروز المبادرات الداخلية أضعف من فعالية مبادرات الخارج، ورغم أن ما المقترحات التي قدمها الوسيط الإثيوبي وجدت القبول من قبل قوى الحرية والتغيير، واستحالة قبولها من قبل المجلس العسكري. وتوقع الساعوري أن لا تجد الوساطة الإثيوبية أذناً صاغية من قبل المجلس العسكري الذي أكد بأنه صاحب الموقف الأقوى. ولم يستبعد الساعوري احتمال أن تلجأ قوى الحرية والتغيير في حال رفض المجلس العسكري، مقترحات الوساطة الإثيوبي إلى محاولة استلام السلطة بالقوة عبر الحركة الشعبية - قطاع الشمال المتمردة وحركات دارفور.

مناورة سياسية

بدوره، اعتبر المحلل السياسي، محمد علي فزاري، قبول قوى إعلان الحرية والتغيير بمبادرة الوسيط الإثيوبي خطوة كبيرة في سبيل الخروج من المربع الأول وقال لـ«البيان»، إن تلك الخطوة وضعت الكرة في ملعب المجلس العسكري بعد أكثر من 70 يوماً من التجاذبات، مشيراً إلى أنّ المبادرة الإثيوبية تميزت عن غيرها من المبادرات، وذلك لقوة نفوذ الوسيط رئيس الوزراء أبي احمد، والمكانة التي تتمتع بها إثيوبيا لدى السودانيين.

وحول مدى قبول أو رفض المجلس العسكري للمبادرة، يؤكد فزراي أن المجلس العسكري ومن خلال تصريحات بعض قادته ومحاولاته التنصل من بعض الاتفاقات السابقة، لا تعدو عن كونها مناورة سياسية لدفع الطرف الآخر لتقديم تنازلات ووقف التصعيد الذي بدأه على الشارع. ولم يستبعد فزاري احتفاظ المجلس العسكري على بعض نقاط الاتفاق السابق، مشيراً إلى أن رفض الاتفاق برمته يضع المجلس في مواجهة مع قوى الحرية والتغيير والمجتمع الإقليمي والدولي، لاسيّما مع قرب انتهاء مهلة الاتحاد الإفريقي في 30 يونيو الجاري.

Email