تقارير «البيان»

ميليشيا الحوثي في مواجهة المجتمع الدولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

استنفدت ميليشيا الحوثي الإيرانية قدرتها على المراوغة والكذب ووصلت مرحلة المواجهة المباشرة مع المجتمع الدولي برفضها تنفيذ اتفاق استوكهولم الخاص بالانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، رغم التنازلات التي قدمتها الحكومة الشرعية في سبيل إنجاح الاتفاق والانتقال إلى مشاورات الحل السياسي الشامل.

ومع انقضاء ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق ومن ثم دخوله حيز التنفيذ واضطرار الأمم المتحدة إلى قبول استقالة كبير المراقبين الدوليين في الحديدة الجنرال باترك كاميرت نزولاً عند رغبة الميليشيات، وصل المبعوث الدولي مارتن غريفيث إلى طريق مسدود بعد أن أسرف في التفاؤل والثقة بالوعود التي قطعت له من قادة ميليشيا الحوثي بتنفيذ اتفاق الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة وفقاً للمقترحات البديلة التي وضعها بالتعاون مع رئيس فريق المراقبين الدوليين الجديد مايكل لو ليسغارد.

جولات مكوكية

طوال الأشهر الماضية قام المبعوث الدولي بجولات مكوكية بين عواصم المنطقة والعاصمة اليمنية صنعاء للقاء قيادة الحكومة الشرعية وقادة الميليشيات للتسويق لمقترحات تنفيذ الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة بصيغة تراعي مطالب الميليشيات بأن لا تتسلم الشرعية الموانئ وأن يرحل الخلاف حول الجهة المخولة بإدارة المدينة استناداً للقانون اليمني كما ينص على ذلك اتفاق استوكهولم، لكنه اليوم وصل إلى طريق مسدود ويواجه تنصل الميليشيات من الاتفاق وسعيها لتنفيذ مسرحية استبدال مسلحيها في المدينة والموانئ بآخرين من الجماعة بعد ارتدائهم اللباس الرسمي لقوات الأمن والشرطة.

ولأن الشرعية والتحالف الداعم لها يدركان جيداً أن الميليشيات لا يمكن أن تلتزم بأي اتفاق يتم إبرامه مع الأطراف اليمنية الأخرى فقد قبلت مطالب المبعوث بتجزئة الانسحاب على مرحلتين، يتم في الأولى الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى وفتح الطرقات إلى مطاحن البحر لنقل مخزون القمح إلى مستحقيه في كل مناطق البلاد، كما قبلت بأن يتولى المراقبون الدوليون مسؤولية التأكد من هوية عناصر قوات خفر السواحل التي ستتسلم الميناءين ومن انسحاب عناصر الميليشيات منها، والتأكد أيضاً من نزع الميليشيات الألغام من الموانئ ومحيطها ومن الطرق التي ستعبر منها قوافل الإغاثة.

وفيما كان كبير المراقبين الدوليين يطلب من الطرفين النزول الميداني إلى مقاتليهم لوضع اللمسات الأخيرة للانسحاب، وبعد لقاءات استمرت أكثر من أسبوعين تلقى خلالها من جانب الميليشيات موافقة على خطته فوجئ برفض صريح من هذه الميليشيات الانسحاب إلا بإسقاط ركنين أساسيين في الخطة، أولهما عدم التحقق من هوية منتسبي قوات خفر السواحل التي ستتسلم الميناءين، والآخر عدم مطالبة الميليشيات بخرائط الألغام للتأكد من نزعها وتدميرها.

إقرار صريح

وإذا كانت الجلسة المغلقة لمجلس الأمن الدولي الأخيرة قد شهدت إقراراً صريحاً هو الأول للمبعوث الدولي الخاص باليمن برفض ميليشيات الحوثي تنفيذ اتفاق الانسحاب من الحديدة فان ما صدر عن المجتمع الدولي أثناء وعقب تلك الجلسة لم يلق استجابة من جانب ميليشيا الحوثي التي تظهر موقفاً غير معني بالسلام أو بالمأساة التي يعيشها الملايين من اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها أو في مناطق المواجهات بسبب الحرب التي أشعلتها بالانقلاب على السلطة الشرعية والسعي لتطبيق النموذج الإيراني في حكم اليمن

ولأن اتفاق استوكهولم مثل بارقة أمل كبيرة لليمنيين ومدخلاً أساسياً للسلام بسبب نصه على وقف القتال في مدينة وموانئ الحديدة وتحييدها بإشراف أممي على إدارتها، ولأنه أيضاً نص على اتفاق خاص لتبادل الأسرى والمعتقلين من الطرفين وشمل أيضاً فتح المنافذ المؤدية إلى محافظة تعز وإنهاء سنوات من الحصار الذي تفرضه الميليشيات على سكان المحافظة البالغ تعدادهم أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.

تجربة

فِيما واصلت الميليشيات حشد المقاتلين وحفر الخنادق وإغلاق شوارع مدينة الحديدة واستهداف مواقع قوات الشرعية في المدينة وفِي الأرياف الجنوبية فإن تجربة اليمنيين المأساوية مع الميليشيات منذ بداية تمردها على السلطة المركزية في منتصف عام 2004. ترجح استمرار الميليشيات في رفضها وتعنتها، لكنهم يأملون في أن يكون المجتمع الدولي أكثر جدية وفاعلية هذه المرة، ويتخذ إجراءات حقيقية تلزم الميليشيات بتنفيذ ما اتفق عليه والمضي نحو استحقاقات السلام ووضع حد لمعاناة اليمنيين.

Email