تقارير البيان

صمت بوتفليقة يكرّس الغموض الانتخابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المنتظر أن تشهد الساحة السياسية في الجزائر هذا الأسبوع استدعاء الهيئة الناخبة تحسباً للانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل المقبل، لكن لا يزال مصير هذه الانتخابات مجهولاً ومفتوحاً على جميع الاحتمالات، في ظل عدم وجود مرشح توافقي «يرضي» غالبية الأطراف المتصارعة على الحكم، إضافة إلى غياب مرشحين من المعارضة، وكان سيناريو التمديد للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يطبخ على نار هادئة لضمان الخيار العميق، المتمثل في الاستمرارية.

غياب مشروع بديل

استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات المقبلة ينبغي أن يتم اليوم الأربعاء أو الخميس على أبعد تقدير، علماً بأن «ولاية رئيس الجمهورية تنتهي يوم 16 أبريل في منتصف الليل».

لكن المعضلة أن هذه الانتخابات سيتم تحديد موعدها دون بروز أي مؤشر على المرشحين، حيث لا يوجد أي مشروع بديل لدى المعارضة العاجزة عن تحقيق توافق حول مرشح مشترك، وعجز أحزاب الموالاة عن صياغة بديل خارج إملاءات دوائر الحكم. أسئلة كثيرة تداولتها الطبقة السياسية والصحافة في الجزائر خلال الأيام الأخيرة دون أن تتمكن من قطع الشك باليقين بشأن ما ينتظر الجزائريين في المستقبل القريب.

الارتباك سيد الموقف مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية، عقارب الساعة لا تتحرك في صالح السلطة، وهو ما جعل الحقل والمحيط السياسي الوطني أكثر ضبابية وأكثر غموضاً وتعتيماً، والظاهر أن هناك شخصيات معروفة بمساندتها لبوتفليقة ولكنها لم يصدر عنها أي موقف بشأن دعمها ترشح الرئيس لعهدة جديدة حتى الآن، مفضلة بدورها التريث وترقب مؤشرات أكثر دقة بعد استدعاء الهيئة الناخبة، ويدل هذا المعطى على أن الأحزاب والشخصيات السياسية لا تحوز على أية معلومة رسمية حيال الوضع القائم في البلاد، وعن مآلاته المستقبلية، حتى بالنسبة لتلك التي تدعي أنها مقربة من المحيط الرئاسي ودوائر صناعة القرار في الجزائر.

تأجيل الانتخابات

وكشفت مصادر عن توجيه بوتفليقة بتعليمات إلى التجنّد لتعديل الدستور، عبر إدراج مادة تسمح بتأجيل الرئاسيات بحسب متطلبات الوضع الحالي، خصوصاً مع وجود قرار بضرورة عقد ندوة وطنية تحقق الإجماع الوطني. وخلق إجماع وطني للتمديد للرئيس عبر التعديل الدستوري دون اللجوء إلى الترشح لولاية خامسة.

على أن لا يتحول التأجيل إلى عهدة جديدة دون انتخابات، وذلك بالاتفاق على فترة زمنية محددة ستكون كافية لوضع الأسس القانونية للإصلاحات السياسية والاقتصادية والتقرب أكثر بين مختلف المكونات لبناء توافق وطني لعهدة كاملة بعد التأجيل، لكن هناك جهات ترفض هذا الخيار وتدعو إلى إجراء الانتخابات في موعدها وعدم حل البرلمان لضمان عدم إدخال الجزائر في دوامة المرحلة الانتقالية الذي جربته البلاد سابقاً وأدى إلى اختلال في العمل الحكومي، ولتشدد بالكثير من الثقة على أن الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها، أي في أبريل 2019، وعلى أن الرئيس بوتفليقة سيترشح بشكل عادي لعهدة خامسة.

لكن الرئيس قد يفاجئ اليوم أو غداً المتابعين بقرارات مفصلية، من قبيل الإعلان عن تعديل الدستور أو حل البرلمان، وليس مستبعداً أيضاً ألا يعلن عن أي قرار يغير مجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

تسييس الجيش

أكد رئيس الحكومة الجزائري الأسبق مولود حمروش، الذي ارتبط اسمه بـ«الإصلاحات» في بداية التعددية، أنه «لا يوجد جيش وطني في العالم تنتفي عنه صفة التسييس»، كما لا يوجد جيش، حسبه، مُعادٍ للسياسة. أبعد من ذلك، ودعا حمروش، في مقال، النظام السياسي إلى ممارسة عهدته وإخضاع قراراته ذات الأثر على المجتمع، إلى النقاش حتى تكون متساوقة مع مصالح المجموعة الوطنية.

Email